امیر عمر طوسون: زندگی، آثار و کارهای او
الأمير عمر طوسون: حياته – آثاره – أعماله
ژانرها
سئل سموه عن أول شيء يجب على الأمم الشرقية أن تهتم به في حياتها العامة، فأجاب بما يلي؛ وقد نشرته مجلة «الهلال» الشهرية:
إن الجواب على هذا السؤال يختلف باختلاف من يلقى عليه، وما يخطر بباله عند إجالة الفكر فيها؛ فمثلا الأشياء التي تنقص الأمم الشرقية في حياتها العامة عديدة، وتقديم بعضها على البعض الآخر بالاهتمام به لمسيس الحاجة إليه، وكثرة مزاياه، قد يكون في نظرنا غير ما هو في نظر غيرنا، يصح أن يكون الذي ألقي في روعنا، وتشبث فيه فكرنا والتمس له الأسباب والنتائج ليجعله أولى الأشياء بالاهتمام لو لم يسبق إلى الخاطر بمناسبة خفية، وملابسات خاصة، وسبقه غيره لكان أولى منه عندنا وأجدر بالتقديم والأفضلية.
فالجواب عن هذا السؤال وأمثاله يعتمد كل الاعتماد على الاعتبار، ولكل إنسان وجهة في طرق تفكيره واعتباره للأشياء. ولا تظهر وجاهة مثل هذه الآراء إلا إذا عمل بها، وجربت وبانت فوائدها عيانا حتى لم يعد فيها شك شاك، ولا ظنة مرتاب.
هذه مقدمة صغيرة نقدمها بين يدي إجابتنا، ليتبين منها مذهبنا فيها، وأنها مبينة على الاعتبار، وقد تطابق الواقع أحيانا وتصيب شاكلة الصواب، وقد لا تكون كذلك.
وبعد، فأولى الأشياء باهتمام الأمم الشرقية في حياتها العامة، كما يكون من الوجهة الاجتماعية يكون من الوجهة السياسية والاقتصادية، وغيرهما من الوجهات الكثيرة. على أن هذه الوجهات مشتبكة مترابطة لا انفصال بينها ولا انقطاع، حتى لتؤثر إحداها في الأخرى، وتأتي نتيجة ذلك بأثر في الثالثة عفوا بلا قصد وبدون تعمل وهكذا. ولا شك أنكم لا تريدون كل هذه الوجهات، بل تقصدون واحدة منها، فنقول مجيبين عن سؤالكم:
إن أول ما يجب على كل أمة من الأمم الشرقية أن تعيد النظر في تكوينها وتأليفها كأمة ، فتشيد بناءها من جديد تشييدا محكما، وتدخل في كيانها العناصر التي تفيض على الحياة، وتنفخ في جسمها الروح بعد أن تعرف كل ما صدع بناءها الأول من الآفات والعلل، فتقتلعه وترمي به وراء ظهرها، فلا تجعل للمذاهب أيا كانت، والديانات مهما اختلفت، سبيلا لتصديع هذا البناء وتوهين أسسه ودعائمه، بل تكسر حدتها، وتقف بها عند حدودها، ولا تتجاوز ما وضعت له من قصد الخير لا إلى ما وصلت إليه الآن من الانقسام والتفرق، وما جر إليه من الأحقاد والضغائن؛ فإن هذا هو الذي أضعف شأنها، وجلب عليها البلاء العام والضر الشامل.
فإذا عرف زعماء كل أمة وكبراؤها أن أسباب ما هم فيه من المصائب في أنفسهم، وفي أوطانهم، إنما هي تلك الخلافات التي ورثوها عن أسلافهم، والتي أورثتهم العداوة والبغضاء، وقسمتهم على أنفسهم، وفرقتهم شيعا، وجعلت بأسهم بينهم شديدا، وقوتهم ضعفا، وكثرتهم قلة، واعتقدوا ذلك حقيقة، وألموا به؛ لا يلبث ذلك الألم أن يهيب بهم إلى العمل على تناسي هذه الفوارق، وفض هذه الاختلافات أو تلطيفها وحصرها في أضيق الدوائر؛ حتى لا تكون مانعة من أخوة أبناء الوطن الواحد، ولا حائلة دون ما يجب أن يكون بينهم من الهيبة والتعاون والتناصر، بحيث يصبح لهم من الوطن الذي آواهم والمرافق المشتركة بينهم جامعة تجمعهم ورابطة تربطهم وتؤلف بين قلوبهم. فلا تلبث تلك الخلافات الحادة، والنعرات المتأججة أن تخمد جذوتها فتنقلب بردا وسلاما، وتصير نسيا منسيا أمام المصالح العامة والمنفعة القومية.
وبالجملة فإن داء الشرق الشقاق، ودواؤه الوفاق. وقد عرف ذلك حكيم الشرق السيد جمال الدين الأفغاني، فذكره في جملته المأثورة: «اتفق المصريون على ألا يتفقوا.» وأدركه الغربيون، فكان أساس سياستهم في الشرق سياسة «فرق تسد»! وقديما أورث الخلاف أبناء الوطن الواحد الضعف والذلة. وفي حكاية منشأ ملوك الطوائف بفارس، وما أشار به أرسطو على الإسكندر ليدوم سلطانه عليهم أبلغ العظة والعبرة لمن يتعظ ويعتبر. ومن حكمة المهاتما غاندي عندما بلغه نزاع بعض المسلمين له جهلا وغباء ما حمله على أن يقول : «إننا لنرضى أن نكون تحت حكم الأقلية من إخواننا المسلمين، ونفضل هذا على انقسامهم علينا وخلافهم لنا.»
هذا ما رأيناه أول ما يجب على الأمم الشرقية الاهتمام به، وتجدوننا فيه لم نأت بجديد. وإنما رددنا صدى أقوال الآخرين؛ لأنها في نظرنا ليس وراءها غاية لمستزيد.
عصبة أمم شرقية
صفحه نامشخص