ولم تتم كلامها حتى سمعت خطوات مسرعة نحو الحجرة وصوتا مرتجفا ينادي: «أين مولاتنا القهرمانة؟»
فعلمت دنانير أن بعض الغلمان جاء في مهمة، فصفقت فجاء الغلام حتى وقف بالباب وصاح: «أأدخل؟» فقالت: «ادخل.»
فدخل وحيا، فصاحت به: «ما وراءك؟»
قال: «إن شاكريا بباب القصر يقول إنه يحمل كتابا إليك.»
فقالت: «شاكري؟ وما شأن الشاكرية عندنا. إنهم رسل الخليفة وليس في القصر رجال. لعله ضل السبيل.»
قال: «سألته في ذلك فذكر أنه يحمل رسالة إلى قيمة القصر، وسماك باسمك.»
قالت: «اذهب وهات الرسالة لنرى فحواها.» فخرج. واستغربت هي الخبر، أما ميمونة فارتبكت وخافت أن تكون الرسالة بشأنها أو لأمر يسوءها. ومن تتوالى عليه النوائب يسبق إلى ذهنه ما يسوءه ويغلب أن يصدق ضميره فيه.
وبعد قليل عاد الغلام وفي يده كتاب مختوم ودفعه إلى دنانير وخرج، فنظرت في الختم فرأته خاتم الفضل بن الربيع وزير الأمين، فتشاءمت من رؤيته وأخذت في فضه ويدها ترتجف، وأدركت ميمونة بغتتها فاختلج قلبها، ولبثت تنتظر ما يبدو منها؛ ففضت دنانير الكتاب وأخذت تقرؤه والدهشة بادية في عينيها، وميمونة تراقب حركاتها وتكاد تخطف الكتاب من يدها لتطلع على ما فيه، ولكنها تجلدت وصبرت نفسها فرأت دنانير تعيد قراءته وقد ظهر الارتباك عليها، ثم تحفزت للوقوف فأخذت ميمونة بيدها وصاحت وصوتها يرتجف: «إلى أين؟ قولي لي أليس هذا الكتاب عني؟ إني أرى عليه خاتم الفضل بن الربيع، لا ريب أنه يمسني.»
قالت: «وما شأنك أنت؟ إنه يخاطبني أنا !»
قالت: «أشعر أن له علاقة بي، قولي ماذا يريد مني؟ ويلاه! قولي!»
صفحه نامشخص