فقال: «إن ابن الوزير وزير يا سيدي، مر بما تشاء.»
قال: «دعوتني وزيرا وأنا أدعوك رئيس المنجمين في دار أمير المؤمنين.» فأدرك سلمان أنه يعده بهذا المنصب وهو يستطيعه لعظم نفوذ أبيه ورضى الأمين عنهما؛ فأحب أن يثبته في وعده، فقال: «بورك في ابن الفضل؛ فإنه يقول ويفعل، وأنا سامع مطيع.»
فأطرق ابن الفضل وأعمل فكرته ثم قال: «دعوتك لأسر إليك أمرا أنا شديد الحرص على كتمانه وطيد الأمل في الحصول عليه.»
قال: «أما ما يشير إليه مولاي فهو سر عن كل الناس إلا علي؛ فالملفان سعدون لا يقال له ذلك.»
فاستغرب ابن الفضل دعواه وأحب أن يمتحنه فقال: «وهل تعلم سري؟»
وكان سلمان قد سمع بعض خدم القصر المأموني يذكرون حب ابن الفضل لميمونة، كما سمعه من عبادة عندما كانت تقصه على دنانير، وكان الخدم يومئذ من أكثر الناس اطلاعا على أسرار مواليهم؛ لأنهم كانوا لا يحذرون التكلم أمامهم استخفافا بهم؛ فقال: «أظنني أعرف سرك إلا إذا كنت تعني غير حبك لتلك الفتاة التي تظن نفسها مجهولة النسب.»
فدهش ابن الفضل عندما فاجأه بهذا التصريح وبانت الدهشة في وجهه، وسهل عليه أن يكاشفه بما يكنه ضميره فقال: «أما وقد علمت سري فلا أخفي عليك أني أحب تلك الفتاة حبا مبرحا، أحبها من كل قلبي، وأتعشقها بكل جوارحي!» قال ذلك ودلائل الحب ظاهرة في وجهه، فأبرقت عيناه واحمر وجهه.
فضحك وهز رأسه وقال: «إن الحب سلطان. أأنت تحبها؟»
فقال: «نعم أحبها، فهل تحبني هي؟»
قال: «لا أدري، لو كانت معنا الآن لعرفت مكنونات قلبها، غير أن ذلك يحتاج إلى مندل.»
صفحه نامشخص