ولاحت من دنانير التفاتة إلى أم جعفر فرأتها تشير إليها برفع حاجبيها والعض على شفتها ألا تفعل، كأنها تنهاها عن التصريح باسمها.
فأدركت دنانير غرضها. أما بهزاد فإنه تجاهل مرادها وقال: «إن أهل المدائن لا يعرفونني إلا بهذا الاسم؛ لأنهم رأوني فارسي السحنة، فسموني بهزاد. وأما اسمي فهو عبد الله.» ثم حول نظره إلى أم جعفر بانعطاف واحترام وقال: «لا جميل لي يا خالة في شيء فعلته، ولا أعرف أني أتيت شيئا يستحق الثناء.» ثم التفت إلى دنانير وقال: «كيف مولاتنا أم حبيبة؟ عسى أن تكون في خير وعافية!»
قالت: «هي بخير، وتتناول العشاء مع ضيفة لها في غرفة المائدة، وقد كنت عازمة على الذهاب بها إلى الفراش كالعادة.»
فأظهر أنه لم ينتبه لعزمها، وقال وهو يخفي ما يخالج ضميره من الاهتمام ويتشاغل بإصلاح بند سيفه في منطقته: «هل أتى غلامي سلمان؟»
قالت: «كلا يا سيدي، لم أعلم أنه جاء. وهل أنت على موعد معه هنا؟»
قال: «نعم، كنت أتوقع أن يأتي نحو الغروب، وشغلت عن المجيء إليكم حتى الآن وأنا أحسبه في انتظاري هنا.» قال ذلك وهم بالنهوض وهو ينظر إلى الباب كأنه يريد الخروج، فقالت دنانير: «هل تحتاج إلى شيء يا مولاي؟»
قال: «كلا، ولكنني أحب أن أتحقق مجيء سلمان إلى القصر، فقد يكون أتى ودخل بعض غرف الغلمان.»
فمشت دنانير وهي تقول: «أنا أذهب للبحث عنه، تفضل واجلس.» وهمت بالخروج.
لكنها لم تدرك الباب حتى سمعت جلبة وقهقهة في الدهليز فعرفت أن زينب قادمة وهي تقهقه لأمر أضحكها؛ فضحكت دنانير سرورا بها وأطلت على الدهليز وهي تقول: «مولاتي! أنت هنا؟ ألم تذهبي إلى فراشك بعد؟»
ولم تتم كلامها حتى كانت زينب قد لحقت بميمونة فأمسكت بثوبها وراحت تشدها نحو الباب تداعبها، وميمونة تطاوعها إرضاء لها واستئناسا بها. فابتدرتها دنانير قائلة: «ما الذي أضحكك يا حبيبتي؟»
صفحه نامشخص