فقلت: «هبه لي يا أمير المؤمنين؛ فقد قيل من ترك شيئا لله لم يفقده.»
فأطرق مليا ثم رفع رأسه وهو يقول: «لله الأمر من قبل ومن بعد».
قلت: «ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم ... واذكر يا مولاي أليتك ما استشفعت إلا شفعتني.»
فقال: «اذكري يا أم الرشيد أليتك ألا شفعت لمقترف ذنبا.»
فلما رأيته صرح بمنعي، ولاذ عن مطلبي، أخرجت هذا الحق من جيبي وفتحت قفله وأخرجت هذه الذوائب وهذه الثنايا وقلت: «يا أمير المؤمنين، أستشفع إليك وأستعين بالله عليك وبما صار معي من كريم جسدك وطيب جوارحك ليحيى عبدك.»
فأخذ الحق مني ولثمه، واستعبر وبكى بكاء شديدا، وبكى أهل المجلس؛ فما شككت أنه مجيبي، ولكنه لما أفاق ألقى الحق وما فيه إلي وقال: «لحسن ما حفظت الوديعة.»
فقلت: «وأهل للمكافأة أنت يا أمير المؤمنين.»
فسكت وأقفل الحق ودفعه إلي وقال:
إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها .
قلت:
صفحه نامشخص