قالت: «إن أمير المؤمنين أوصى بألا يؤذن لأحد في مشاهدتك غير رئيس المنجمين متى شاء ، ولا بأس عليك منه.»
فتحولت بغتتها إلى سرور وقالت في نفسها : «سأسأله عن سلمان أو بهزاد إذا آنست منه عطفا لعله يهديني إلى مكانهما.» ثم قالت للقهرمانة: «هل يأتي إلينا أم نذهب نحن إليه؟»
قالت: «طلب أن يراك على انفراد في غرفته.»
فأجفلت وقالت: «أنفرد به في غرفته، وهو رجل غريب؟»
فقالت عبادة للقهرمانة: «هل تأذنين أن أكون أنا معها في تلك المقابلة؟»
قالت: «لا بأس.»
فنهضتا وتنقبتا، وأرسلت القهرمانة معهما غلاما أوصلهما إلى غرفة الملفان سعدون في بعض أطراف القصر، وقرع الغلام باب الحجرة وأنبأ بوصول ميمونة ورجع؛ ففتح سلمان الباب وهو بقيافته المعهودة ورحب بالفتاة وجدتها وأدخلهما الحجرة وأقفل الباب وراءهما. فلما وجدت ميمونة نفسها في ذلك المكان استوحشت وتلفتت فلم تجد حولها إلا أدوات وأشياء لا تفهم لها معنى، من أنابيب وأقداح مختلفة الأشكال والألوان، وألواح عليها رسوم وخطوط بعضها يقرأ وبعضها طلاسم لا يقرأ. وكان قبل دخولهما قد نزع جبته وبقي بالإزار (القفطان) العسلي وحوله الزنار وعلى رأسه عمامة صغيرة، فأشار إلى ميمونة وجدتها بالقعود على طنفسة بجانب طراحته فقعدتا وهما لا تتكلمان. فقعد هو بين يديهما وخاطب ميمونة قائلا: «هل تعلمين يا ميمونة أني أنقذتك من القتل؟»
فدهشت لما سمعته يذكر اسمها وقالت: «نعم يا سيدي، وإني لا أنسى لك هذا الجميل، جزاك الله خيرا.»
قال: «إني لا أسألك على ذلك أجرا، وأتقدم إليك أن تصدقيني في سؤال ألقيه عليك: هل تفعلين؟»
قالت: «نعم، وهل أستطيع غير ذلك وأنت تكشف مكنونات القلوب؟»
صفحه نامشخص