امین ریحانی: ناشر فلسفه شرق در کشورهای غربی
أمين الريحاني: ناشر فلسفة الشرق في بلاد الغرب
ژانرها
فالتربية الحقة عندهن مبنية على الآية: إن أبناءنا أصدقاءنا؛ أي إن السيادة الأبوية لا تتجاوز حد العقل والحكمة، وتنحصر كلها في مصلحة البنين.
وهذا النوع من التربية لا يلقن في المدارس، ولا في الكنائس، ولا في الاجتماعات العلمية، وليست أصوله محصورة في بطون الكتب، ولا في صدور الحكماء؛ إنما هو قائم بمراقبة الأولاد، ودرس أخلاقهم وأذواقهم وأمزجتهم وأطوارهم وميولهم، وتكييف التربية عليها، فالأولاد أنفسهم يعلمون الأمهات التربية.
أجل، إن الأمهات العاقلات الحكيمات يتعلمن كثيرا من بنيهن، فينفعنهم فيما يتعلمن عملا، مثال ذلك: إذا سأل الولد سؤالا، وكانت الأم تجهل الجواب، فلا ترد ابنها خائبا، ولا تضحك عليه بجواب كاذب، بل تبحث عن الموضوع، فتستفيد هي أولا وتفيد، وإذا كسر الولد لعبة تعلمه أمه إصلاحها، وإذا أضاع شيئا تحرمه من مثله إلى أن يقتصد من مصروفه اليومي ثمنه.
كذلك تعلمه البناء لا التخريب، تعلمه المسئولية ونتائج الإهمال، تعلمه الشجاعة والصبر وشظف العيش، تعلمه الاعتماد على النفس، تعلمه الإرادة والثبات والإقدام، تعلمه حب الوطن قبل كل شيء، وتعلمه فوق ذلك حرية القول وحرية العمل.
أجل سادتي، إن هنالك حرية أكبر من حرية المرأة وأعز، وهي الحرية التي توجدها المرأة في بنيها، وإن حب العلم نغرسه في قلوب البنات خير من العلوم والفنون نكرسها كرها في عقولهن، فإذا رغبت الفتاة بالعلم علمت نفسها المفيد لها كزوجة وكأم، وانتفعت عملا بعلمها، وإذا كانت لا تحب العلم، فعشرون سنة في المدارس لا تعلمها شيئا.
كانت ولم تزل التربية من واجبات المرأة، ولكن التربية الحديثة من حسنات تطورها، وغرس حب العلم في قلوب البنات - خاصة - من أهم قواعد التربية.
لا أريد بالعلم العلوم العالية أو الفنون السامية، بل المعرفة العقلية بأمور الحياة، بل التعود على البحث والاستقراء والتفكير والمراقبة، وكل هذه تؤدي بنا إلى العلم بالأمور والأشياء علما نستفيد به ولا ننساه، وشيء تخبره بنفسك ويرسخ في ذهنك خير من أشياء تتعلمها في الكتب، فإذا اقتدت المرأة الشرقية بالمرأة الغربية في ذلك فقط، نستغني عن العلوم الفلسفية والرياضية والسياسية كلها. (4) الحفلة الرابعة في منزل إلياس أفندي زيادة صاحب جريدة المحروسة
دعا في مساء اليوم «الجمعة 10 فبراير سنة 1922» إلياس أفندي زيادة، صاحب جريدة «المحروسة»، جمهورا من الفضلاء والكتاب والشعراء إلى حفلة شاي أقامها في منزله، بشارع المغربي؛ للاجتماع بحضرة الكاتب الشهير أمين أفندي الريحاني، والاشتراك في تكريمه، فأقبل المدعوون في الموعد المعين، وكانوا يقابلون بالترحيب، فكانت حفلة شرقية توافرت فيها أسباب السرور والصفاء. وبعدما استقر بهم المقام، وتبادلوا التحيات، وتجاذبوا أطراف الحديث، أديرت عليهم الحلوى والشاي من «بوفيه» فاخر.
ثم وقفت حضرة الكاتبة الشهيرة، الآنسة «مي»، كريمة صاحب الدعوة، فخطبت خطبة بليغة أجادت فيها ما شاءت الإجادة، فوصفت المحتفل به في شعره ونثره، وخدمته للشرق والأدب الشرقي، وصفا شمل «وادي الفريكة» الذي خلده بشعره ونثره، فأعجب السامعون بحسن بيانها، وثبات جنانها، ومقدرتها على إبراز المعاني السامية في قوالب البلاغة العربية التي تأخذ بمجامع القلوب، فكانوا يصفقون لها استحسانا، ويكررون عليها الثناء.
وألقى حضرة الشاعر البليغ أسعد أفندي خليل داغر أبياتا رقيقة في مدح الريحاني والآنسة مي، جمعت بين رقة العاطفة ومتانة التركيب. وتوالى الخطباء؛ وهم حضرات الأفاضل: أحمد حافظ عوض بك، والدكتور منصور فهمي، وداود أفندي بركات، والدكتور فارس نمر، فتكلموا بموضوع الحفلة، وأفاضوا في نهضة الشرق، وتضامن شعوبه، منوهين بخدمة الريحاني للشرق؛ بنشر لواء آدابهم في عالم الغرب، وتمنوا أن يكثر الله من أمثاله لخير الجميع، فقوبلت أقوالهم بالاستحسان والتصفيق.
صفحه نامشخص