امین خولی
أمين الخولي والأبعاد الفلسفية للتجديد
ژانرها
لقد كان الخولي في طليعة الرافضين لما يسمى بالتفسير العلمي للقرآن، وأكد أن «إنكاره من كبريات قضايا المنهج الأدبي للتفسير» الذي أسسه ودعا إليه، كما سنرى. ومن أجل طرح تطبيق أشمل يوضح أن هذا هو قمة الاستنارة الدينية، أتى الفصل الرابع عن «التفكير العلمي والعلاقة بينه وبين الاستنارة الدينية».
إذن عقائد الإسلام موجهات للحضارة، بدلا من الخوض الظاهري العقيم في التفاصيل العلمية المتغيرة، فكيف السبيل إلى جعلها موجهات لتوطين ظاهرة العلم الحديث ذاتها في ثقافتنا مجددا، تأكيدا على أن الإسلام في كل عصر هو دين العقل والعلم؟ هذا هو أهم سؤال حاولت الإجابة عليه إجابة مستفيضة في كتابي «الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل»، وقد نال جائزة البحوث المستقبلية في الإنسانيات من جامعة القاهرة، ويتلخص مضمونه في الفصلين الأخيرين من الباب الثاني. والمسألة في جملتها تطبيق لأخطر وأهم المبادئ المنهجية التي طرحها أمين الخولي: «أول التجديد قتل القديم بحثا وفهما ودراسة.»
فقبل العمل على تجديد أصولنا الحضارية من أجل توطين العلم الحديث في ثقافتنا مجددا، لا بد من محاولة الإجابة على السؤال: لماذا وصلت الحركة العربية العلمية الزاهرة في الماضي إلى طريق مسدود؟
ومنهاج الإجابة على هذا السؤال يقتضي «قتل القديم بحثا وفهما ودراسة»، كما حاولت أن أفعل في الفصل الخامس من هذا الكتاب عن «الأصول الفلسفية لتصور الطبيعة في الفكر العربي»، ثم أعقبه فصل سادس يتلمس طريق التجديد من أجل توطين العلم الحديث في ثقافتنا المعاصرة.
وبعد، فإن بعض فصول هذا الكتاب - باستثناء الأول والثالث - أوراق ألقيت في مؤتمرات وندوات ثقافية، وجميعها قبعت فرادى حبيسة الأدراج. أما خروجها معا في إطار متكامل ومتحاور الأطراف يشكل متن هذا الكتاب، فالفضل كل الفضل في ذلك يعود إلى المفكر المستنير رجب البنا، الذي يقود بثقة واقتدار دفة دار المعارف لتظل دائما هرما من أهرامات مصر الشامخة.
لقد تفضل سيادته بخبرته المكينة في الإنجاز الفكري وفي صناعة الكتاب على السواء، وأشار علي بفكرة هذا الكتاب، وبث في نفسي الحماس لإعداده وإنجازه، حتى خرج في صورة أعتز بها حقا، وتحملني مزيدا من الامتنان لسيادته.
وفقنا الله جميعا لما فيه خير الثقافة العربية.
منيل الروضة في ديسمبر 1999.
د. يمنى طريف أمين الخولي
أستاذ الفلسفة بآداب القاهرة
صفحه نامشخص