امین خولی
أمين الخولي والأبعاد الفلسفية للتجديد
ژانرها
لذلك أهدى الخولي كتابه الرائد «المجددون في الإسلام» الذي يحمل رسالة التطور والتجديد في الفكر الديني إلى: الذين يدينون بعالمية الإسلام وخلوده، فالكتاب - كما ينص الإهداء - بحث في وسائل هذه العالمية وذلك الخلود. وبناء على ما سبق نتفهم بسهولة أن هذه الوسائل ترابض في فكرة «التطور» التي يقول عنها الخولي في هذا السياق: «تلك الفكرة بمجملها وعامة معناها لا تلزم العقيدة الإسلامية بشيء خاص، ولا تكلفها قليلا أو كثيرا من شطط، إذ لا تمس فيها كليات ولا جزئيات، تزيد عليها أو تنقص منها، في الوقت الذي يكون فيه تقرير فكرة التجديد المدانية لمعنى التطور إنما هو قبول لأصل حيوي، لا يهون إنكاره، ولا من الخير المماراة فيه، إذ إنه واقع لا يجمد ومشاهد لا يطمس، ذلك هو مبدأ التطور في الحياة»،
40
والذي هو - كما لا بد وأن تعرفوا - الأصل التجريبي لفهم سير الحياة على اختلافها.
41
هكذا انطلق أمين الخولي مؤكدا أن التجديد تطور، والتطور الديني هو نهاية التجديد الحق. والتجديد بهذا انطلاق مع الحياة ووفاء بجديد حاجتها، وما كان أصل الاجتهاد في الدين إلا تقديرا للحاجة الماسة والضرورة القاضية بحدوث تغيير يوجبه التطور. وكشف عن حاجة النصوص إلى توسيع يمدها بحيوية، تجعلها أصلح للبقاء الذي نودي به لها، بهذا نجد التجديد لا يكون مع منطق الحياة والواقع إلا تطورا.
42
الدين في حاجة دائمة للتجديد والتطور بفعل المتغيرات العاتية والأمواج العالية، والعوامل القومية التي تصطخب حوله؛ لهذا كان الاجتهاد والتجديد أصلا ثابتا في العقيدة. (8) براعة النزال في ساحة التطور
ها هنا يتبدى بجلاء تفتح واستنارة الشيخ الخولي، وقدرته على سحب البساط من تحت أقدام الخصوم. فقد كان التطور مقولة رفعت لواءها المدرسة العلمية العلمانية المناوئة لكل الخطوط السلفية والأصولية والدينية؛ إن لم نقل ولعناصر الأصالة ذاتها، مدرسة سلامة موسى (1887-1958) وشبلي شميل وإسماعيل مظهر. وبينما تكرس سلفيون لشن حرب شعواء على «نظرية التطور»، بل ويقف في مقدمة المهاجمين جمال الدين الأفغاني نفسه، ها هو ذا أمين الخولي يستفيد منها ويسخرها لخدمة الفكر الديني وضرورة التجديد فيه.
هذا بغير أن يتوانى عن واجبه في كبح جماح أولئك العلمانيين التطوريين وكف غلوائهم حين يجورون على الحق والحقيقة.
فقد أخرج إسماعيل مظهر عام 1924 كتابه «ملقي السبيل» حيث حاول أن يؤلف بين الدين ونظرية التطور، وينفي عنها مفهوم الدهرية
صفحه نامشخص