قال ابن عباس رضي الله عنه: فكان من دلالات حمل محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- أن كل دابة كانت لقريش نطقت تلك الليلة، وقالت: حمل بمحمد ورب الكعبة وهو أمان الدنيا وسراج أهلها، ولم تبق كاهنة من قريش ولا قبيلة من قبائل العرب إلا حجبت عن صاحبها، وانتزع علم الكهانة منها، ولم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا والملك مخرسا لا ينطق يومه ذلك، وصوت وحش المشرق إلى وحش المغرب بالبشارات، وكذلك أهل البحار سبق بعضهم بعضا في كل شهر من شهوره، نادى في الأرض، ونادى في السماء أن: أبشروا فقد آن لأبي القاسم أن يخرج إلى الأرض ميمونا مباركا.
قال: فبقي في بطن أمه تسعة أشهر كملا لا تشكو وجعا، ولا ريحا، ولا مغثيا، ولا ما يتعرض للنساء وذوات الحمل الحوامل، وهلك أبوه وهو في بطن أمه، فقالت الملائكة يا إلهنا وسيدنا، بقي نبيك هذا يتيما، قال الله تعالى للملائكة: أنا له ولي وحافظ ونصير، فتبركوا بولوده ومولوده ميمون مبارك، وفتح الله لمولده كل أبواب سمواته وجنانه.
صفحه ۳۳