19 -
وبهذا الإسناد، ثنا يعقوب، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا المعافى بن عمران الموصلي، قال: ثنا ابن إدريس بن سنان أبو إلياس بن بنت وهب، قال: ثنا وهب بن منبه، أن ابن عباس طاف بالبيت حين أصبح أسبوعا، قال وهب: وأنا وطاوس معه وعكرمة مولاه، وكان قد رق بصره، فكان يتوكأ على العصا، فلما فرغ من طوافه، انصرف إلى الحطيم، فصلى ركعتين ثم نهض، فنهضنا معه، فدفع عصاه إلى عكرمة مولاه، وتوكأ علي وعلى طاوس، ثم انطلق بنا إلى غربي الكعبة، بين باب بني سهم، وباب بني جمح، فوقفنا على قوم، بلغ ابن عباس أنهم يخوضون في حديث القدر، وغيره مما يختلف الناس فيه، فلما وقف عليهم، سلم عليهم، أجابوه ورحبوا وأوسعوا له فكره أن يجلس إليهم، ثم قال
: «يا معشر المتكلمين فيما لا يعنيهم ولا يرد عليهم، ألم تعلموا أن بمكة عبادا قد أسكتتهم خيرات
من غير عي ولا بكم، وإنهم لهم الفصحاء، الطلقاء، النبلاء، الألباء، والعالمون بالله، وبآياته، ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله انقطعت ألسنتهم، وكسرت قلوبهم، وطاشت عقولهم إعظاما لله عز وجل، وإعرابا، وإجلالا، فإذا استقاموا من ذاك استبقوا إلى الله عز وجل الأعمال الزكية، يعدون أنفسهم مع الظالمين الخاطئين، وإنهم لأزائه بدا، ومع المقصرين ، والمفرطين، وإنهم لأكياس أقوياء، ولكنهم لا يرضون لله عز وجل بالقليل، ولا يستكثرون له الكثير، ولا يدلون عليه بالأعمال، متى ما لقيتهم فهم مهتمون، محزونون، مروعون، خائفون، مشفعون، فأين أنتم منهم يا معشر المبتدعين؟ اعلموا إن أعلم الناس بالقدر أسكتهم عنه، وإن أجهل الناس بالقدر أنطقهم فيه» .
قال وهب: ثم انصرف عنهم وتركهم، فبلغ ابن عباس، إنهم قد تفرقوا عن مجلسهم ذلك، ثم لم يعودوا إليه حتى هلك ابن عباس، رضي الله عنهما
صفحه نامشخص