ثم رجع إلى السوق فابتاع بالأربعة الباقية قميصا، فلبسه وحمد الله وانصرف، فإذا السوداء قائمة تبكي، فقال لها: مالك؟ ما يبكيك(1)؟! أليس قد أعطيتك أربعة دراهم؟ فقالت: بلى يا رسول الله، ولكني احتبست عن أهلي، فأخاف أن يضربوني. فقال: مري. ومضى معها صلى الله عليه وآله وسلم حتى انتهى إلى أهلها، فلما أقام على الباب، قال: السلام عليكم. فلم يردوا عليه(2) شيئا، وكان لا ينصرف حتى يؤذن ثلاث مرات، ثم قال: (( السلام عليكم )). فلم يردوا عليه شيئا(3)، ثم قال: (( السلام عليكم )) . فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا رسول الله. فقال: (( ما منعكم أن تردوا علي وقد عرفتم الصوت )). فقالوا: يا رسول الله، عرفنا صوتك فأحببنا أن تستكثر من سلامك. فقال لهم: (( هذه الجارية )). فقالوا: هي حرة لممشاك معها.
قال: وانصرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يقول: (( تالله ما رأيت كاليوم اثني عشر درهما كسا الله بها عاريين، وأعتق بها نسمة، وقضى بها حاجة )) (4).
حدثنا أبو العباس الحسني رحمه الله، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد السعدي، قال: حدثنا الحسين بن علي أبو نعيم القاضي، قال: حدثنا علي بن عبدة، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، قال:
قيل لعبد المطلب: لم سميت ابن ابنك محمدا وليس هو من أسماء آبائك؟ قال: أردت أن يحمده أهل السماء وأهل الأرض، ثم أطرق سفيان ساعة إلى الأرض، ثم رفع رأسه، فقال:
صفحه ۲۸