التوسط والاقتصاد
التوسط والاقتصاد
ناشر
دار ابن القيم للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
محل انتشار
الدمام
ژانرها
يعلم المتلفِّظ بها أَنَّها كفر ... وهذا خلاف متَّجه، بخلاف قول البهاشمة: لا يكفر وإِنْ عَلِمَ أَنَّه كفرٌ حتَّى يعتقده ... (١)
قد بالغ الشيخ أبو هاشم وأصحابه وغيرهم فقالوا هذه الآية تدل على أَنَّ من لم يعتقد الكفرَ ونطقَ بصريحِ الكفر وبسَبِّ الرُّسُل أجمعين وبالبراءة منهم وبتكذيبِهم من غير إكراهٍ وهو يعلم أَنَّ ذلك كفرٌ أَنَّه لا يكفر وهو ظاهر اختيار الزمخشري في "كشافه" فإِنَّه فسَّر شرح الصدر بطيب النَّفس بالكفر وباعتقاده معًا واختاره الإمام يحيى ﵇ والأمير الحسين بن محمَّد.
وهذا كلُّه ممنوع لأمرين أحدهما معارضة قولهم بقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالوا إِنَّ الله ثَالِثُ ثَلاثَةٍ﴾ فقضى بكفرِ من قال ذلك بغير شرط (٢) فخرج المُكْرَهُ بالنَّصِّ (٣) والإجماع وبقي غيرُه فلو قال مكلَّفٌ مختارٌ غير مُكْرَهٍ بمقالة النَّصارى التي نصَّ القرآن على أَنَّها كفرٌ ولم يعتقد صِحَّة ما قال لم يكفِّروه مع أَنَّه لعلمه بقُبْحِ قولِه يجب أَنْ يكون أعظم إِثْمًا من بعض الوجوهِ لقوله تعالى: ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ فعكسوا وجعلوا الجاهلَ بذنبِه كافرًا والعالِمَ الجاحدَ بلسانِه مع علمه مسلمًا.
الأمر الثاني: أَنَّ حجَّتهم دائرةٌ بين دلالتين ظنِّيَتَين قد اختلف
(١) إذًا هناك فرقٌ بين اشتراط العلم بأنها كفر لينتفيَ مانع الجهل، وبين اشتراط الاعتقاد. (٢) أي بغير شرط الاعتقاد أو التكذيب أو نحو ذلك. (٣) أي بقوله تعالى ﴿إلاَّ مَنْ أُكْرِه﴾ .
1 / 68