النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة
النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة
ناشر
دار الصحابة للتراث
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م
ژانرها
أما موضوع الكتاب، فخطره جليل ذلك أن الله ﷿ قال لنبيه ﵌: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ...﴾ فصارت السنة بهذه الآية - وبغيرها - هي المبينة في القرآن مما يلتبس على إفهام الناس. ويعلم كل عارف بالتاريخ كم أدخل الوضاعون - على اختلاف مذاهبهم - في السنة من الأباطيل والمناكير، بل وشارك في ذلك كثير من الصالحين الذين لم يكن ضبط الحديث من همتهم، فصار الدخن كثيرًا. غير إن كثرة الأئمة العارفين بهذا الشأن كان يهون من الخطب حتى قيل لابن المبارك - شيخ الإسلام: - «الأحاديث الموضوعة؟! قال: تعيش لها الجهابذة» . وقال الدارقطني يومًا: «يا أهل بغداد! لا يظنن أحدكم أنه يقدر أن يكذب على رسول الله ﷺ وأنا حي» وذلك لسعة دائرة حفظة وإدراكه.
ودون الناس الكتب فمنهم من كان يتحرى الصحيح وحده كالشيخين، ومنهم من كان يجمع الصحيح والضعيف دون الموضوع؛ كأصحاب السنن الأربعة (١) وغيرهم، ومنهم من جمع كل ما وقع بإسناد فدونها حفاظًا لها من الضياع، فخلفوا لنا ثروة هائلة، فجزاهم الله خيرًا، فدار الزمان، وقبض العلم بقبض العلماء كما في الحديث الصحيح: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» . أخرجه الشيخان وغيرهما، فلما قل العارفون بهذا الشأن، تضاعفت المصيبة بعد أن صار الناس - ومنهم من يتصدر للتدريس والوعظ - يلوكون هذه الأحاديث
(١) ولا ينقص هذا وجود بعض الأحاديث الموضوعة في بعضها كسنن ابن ماجة والترمذي فالاجتهاد في شروط قبول الرواية يتفاوت ولعل الموضوع في نظر غيرهم كان فقط في نقدهم وهذا هو اللائق بهم لما عرف من سيرتهم إذا أنهم ذكروا الحديث الموضوع نهوا عليه والله اعلم
1 / 12