39

المفصل في أحكام الأضحية

المفصل في أحكام الأضحية

ژانرها

وقد استدل صاحب الهداية نفسه على سنية أكثرها بالمواظبة مع عدم تبيين تركها، بل ثبت عدم الترك، فتدبر أحسن التدبر فتعلم أن المواظبة ليست دليل الوجوب عندهم (١). ١٠. وأما احتجاجهم بأن الإضافة ليوم الأضحى مؤذنة بالوجوب ... الخ. فالجواب ما قاله الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: [واستدلال بعض الحنفية على وجوبها بالإضافة في قولهم يوم الأضحى قائلًا: إن الإضافة إلى الوقت لا تحقق إلا إذا كانت موجودة فيه بلا شك ولا تكون موجودة فيه بيقين إلا إذا كانت واجبة، لا يخفى سقوطه لأن الإضافة تقع بأدنى ملابسة فلا تقتضي الوجوب على التحقيق كما لا يخفى] (٢). وبعد هذه المناقشة لأدلة القائلين بوجوب الأضحية يظهر لنا أنها قاصرة عن إثبات الوجوب لأن هذه الأدلة لم تسلم من المعارضة. وأما أدلة الجمهور على أن الأضحية سنة، فهي في مجملها قوية ويثبت بها المراد. ولعل من أقوى تلك الأدلة على إثبات سنِّية الأضحية حديث أم سلمة ﵂ حيث جعل النبي ﷺ أمر الأضحية راجعًا لإرادة المسلم ورغبته. ومع كل ما سبق أرى أن الأضحية سنة مؤكدة، لا ينبغي لمسلم قادر عليها أن يتركها إبراءً للذمة، وخروجًا من الخلاف. فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عمر تعليقًا: [وقال ابن عمر: هي سنة ومعروف]. قال الحافظ ابن حجر: [وصله حماد بن سلمة في مصنفه بسند جيد إلى ابن عمر] (٣). وقد روى الترمذي بإسناده عن جبلة بن سحيم: أن رجلًا سأل ابن عمر عن الأضحية أواجبة هي؟ فقال: ضحى رسول الله ﷺ والمسلمون. فأعادها عليه. فقال: أتعقل ضحى رسول الله ﷺ والمسلمون. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم، أن الأضحية ليست بواجبة ولكنها سنة من سنن رسول الله ﷺ يستحب أن يعمل بها (٤).

(١) فواتح الرحموت بشرح مسلَّم الثبوت ٢/ ١٨١ بتصرف يسير. (٢) أضواء البيان ٥/ ٤٢٠. (٣) صحيح البخاري مع الفتح ١٢/ ٩٨. (٤) سنن الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي ٥/ ٧٨ - ٧٩.

1 / 40