110

المفصل في أحكام الأضحية

المفصل في أحكام الأضحية

ژانرها

وأيدوا قولهم بما ثبت من حديث عائشة ﵂ قالت: (لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله ﷺ فيبعث هديه إلى الكعبة فما يحرم عليه مما حلَّ للرجال من أهله حتى يرجع الناس) رواه البخاري ومسلم (١). قال الماوردي: [فكان هدي رسول الله ﷺ وضحاياه، لأنه كان بالمدينة وأنفذها مع أبي بكر ﵁ سنة تسع، وحكمها أغلظ لسوقها إلى الحرم، فلما لم يحرم على نفسه شيئًا كان غيره أولى إذا ضحى في غير الحرم] (٢). وقال أبو عبد الله الآبي المالكي: [مذهبنا أنه لا يلزم العمل بهذه الأحاديث - روايات حديث أم سلمة – لحديث عائشة ... وبعثُ الهدي آكدُ من إرادة الأضحية] (٣). أدلة القول الثالث: احتجوا بحديث عائشة السابق وحملوه على الإباحة وقدموه على حديث أم سلمة. قال الطحاوي بعد أن ذكر حديث عائشة: [... ففي ذلك دليل على إباحة ما قد حظره الحديث الأول – يعني حديث أم سلمة – ومجيء حديث عائشة ﵂ أحسن من مجيء حديث أم سلمة ﵄ لأنه جاء مجيئًا متواترًا. وحديث أم سلمة فلم يجئ كذلك، بل قد طعن في إسناد حديث مالك، فقيل إنه موقوف على أم سلمة. ثم ذكر الطحاوي حديث أم سلمة برواية مالك وفيه: (عن أم سلمة ﵂ ولم ترفعه قالت: من رأى هلال ذي الحجة ... الخ). وذكر رواية أخرى وفيها: (عن أم سلمة مثله ولم ترفعه ...). ثم قال الطحاوي: وأما النظر في ذلك فقد رأينا الإحرام ينحظر به أشياء مما قد كانت كلها قبله حلالًا، منها الجماع والقبلة وقص الأظفار وحلق الشعر وقتل الصيد فكل هذه الأشياء تحرم بالإحرام وأحكام ذلك مختلفة. فأما الجماع فمن أصابه في إحرامه فسد حجه، وما سوى ذلك لا يفسد إصابته الإحرام فكان الجماع أغلظ الأشياء التي يحرمها الإحرام.

(١) صحيح البخاري مع الفتح ٤/ ٢٩٥، صحيح مسلم بشرح النووي ٣/ ٤٣٩. (٢) الحاوي ١٥/ ٧٤. (٣) شرح الآبي على صحيح مسلم ٥/ ٣٠٧.

1 / 111