474

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

ناشر

دار القلم

ویراست

الأولى

سال انتشار

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

محل انتشار

بيروت - لبنان

ژانرها

وقال أبو العالية: " لا تكونوا أول من كفر بمحمد ﷺ" (١). وروي عن الحسن والسدي والربيع بن أنس نحو ذلك (٢).
قال الثعلبي: " يعني: أوّل من يكفر بالقرآن وقد بايعتنا اليهود على ذلك فتبوءوا بآثامكم وآثامهم" (٣).
قال البغوي: " أي: بالقرآن يريد من أهل الكتاب، لأن قريشا كفرت قبل اليهود بمكة، معناه: ولا تكونوا أول من كفر بالقرآن فيتابعكم اليهود على ذلك فتبوؤا بآثامكم وآثامهم" (٤).
قال المراغي: " أي: ولا تسارعوا إلى الكفر به، مع أن الأجدر بكم أن تكونوا أوّل من يؤمن به" (٥).
قال ابن عثيمين: " يعني: لا يليق بكم وأنتم تعلمون أنه حق أن تكونوا أول كافر به؛ ولا يعني ذلك: كونوا ثاني كافر! " (٦).
قال البيضاوي: " بأن الواجب أن يكونوا أول من آمن به، ولأنهم كانوا أهل النظر في معجزاته والعلم بشأنه والمستفتحين به والمبشرين بزمانه. وأَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وقع خبرًا عن ضمير الجمع بتقدير: أول فريق أو فوج، أو بتأويل لا يكن كل واحد منكم أول كافر به" (٧).
قال ابن عطية: " وقد كان كفر قبلهم كفار قريش، فإنما معناه من أهل الكتاب، إذ هم منظور إليهم في مثل هذا، لأنهم حجة مظنون بهم علم" (٨).
قال الجصاص: " وإن كان الكفر قبيحا من الأول والآخر منهيا عنه الجميع أن السابق إلى الكفر يقتدي به غيره فيكون أعظم لمأثمه وجرمه كقوله تعالى ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ [العنكبوت: ١٣] وقوله ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: ٣٢] " (٩).
قال الواحدي: " وإنما قيل لهم: ﴿وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ لأن الخطاب لعلماء اليهود، فإذا كفروا كفر معهم الأتباع، فإن قيل: ما في ﴿أن تكونوا أول كافر به﴾، من العظم، على ثان كافر؟ قيل: إنهم إذا كانوا أئمة في الضلالة كانت ضلالتهم أعظم" (١٠).
قال السعدي: " وفي قوله: ﴿أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ أبلغ من قوله: ﴿ولا تكفروا به﴾ لأنهم إذا كانوا أول كافر به، كان فيه مبادرتهم إلى الكفر به، عكس ما ينبغي منهم، وصار عليهم إثمهم وإثم من اقتدى بهم من بعدهم" (١١).
وقوله: ﴿وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ [البقرة: ٤١]،: اختلف في الضمير (به) على وجوه:
أحدها: أنه عائد إلى القرآن، والمعنى: ولا تكونوا أول من كفر بالقرآن وحقكم أن تؤمنوا به.
وهو اختيار الإمام الطبري، إذ يقول: والهاء التي في (به) من ذكر (ما) التي مع قوله: ﴿وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ﴾ " (١٢).
والثاني: أنه عائد على محمد ﷺ، وهو اختيار أبي العالية-﵀ (١٣).
والثالث: وقيل: يعني (بكتابكم) أي التوراة والإنجيل، "ويتأول أنّ في تكذيبهم بمحمد ﷺ تكذيبًا منهم بكتابهم، لأن في كتابهم الأمرَ باتباع محمد ﷺ" (١٤).

(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٤٧): ص ١/ ٩٧.
(٢) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم: ١/ ٩٧.
(٣) تفسير الثعلبي: ١/ ١٨٧.
(٤) تفسير الثعلبي: ١/ ١٨٧.
(٥) تفسير المراغي: ١/ ٩٦.
(٦) تفسير ابن عثيمين: ١/! ٤٧.
(٧) تفسير البيضاوي: ١/ ٧٦.
(٨) المحرر الوجيز: ١/ ١٣٤.
(٩) أحكام القرآن: ١/ ٣٨.
(١٠) التفسير البسيط: ٢/ ٤٣٨، وانظر: معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٢، وانظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١١٤، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٦٨ أ، و"تفسير البغوي" ١/ ٨٧.
(١١) تفسير السعدي: ٥٠.
(١٢) انظر: تفسير الطبري: ١/ ٥٦٣.
(١٣) انظر: تفسير الطبري: ١/ ٥٦٣.
(١٤) انظر: تفسير الطبري: ١/ ٥٦٣.

2 / 217