439

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

ناشر

دار القلم

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

محل انتشار

بيروت - لبنان

ژانرها

الفوائد:
١ من فوائد الآية: إثبات القول لله ﷿ لقوله تعالى: ﴿يا آدم﴾؛ وأنه بحرف، وصوت مسموع؛ لأن آدم سمعه، وفهمه، فأنبأ الملائكة به؛ وهذا الذي عليه أهل السنة والجماعة، والسلف الصالح. أن الله يتكلم بكلام مسموع مترتب بعضه سابق لبعض.
٢ ومنها: أن آدم. ﵊. امتثل، وأطاع، ولم يتوقف؛ لقوله تعالى: ﴿فلما أنبأهم﴾؛ ولهذا طوى ذكر قوله: "فأنبأهم" إشارة إلى أنه بادر، وأنبأ الملائكة.
٣ ومنها: جواز تقرير المخاطب بما لا يمكنه دفعه؛ والتقرير لا يكون إلا هكذا. أي بأمر لا يمكن دفعه؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض﴾.
٤ ومنها: بيان عموم علم الله ﷿، وأنه يتعلق بالمشاهد، والغائب؛ لقوله تعالى:
(أعلم غيب السموات والأرض).
٥ ومنها: أن السموات ذات عدد؛ لقوله تعالى: ﴿السموات﴾؛ و"الأرض" جاءت مفردة، والمراد بها الجنس؛ لأن الله تعالى قال: ﴿الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن﴾ [الطلاق: ١٢] أي في العدد.
٦ ومنها: أن الملائكة لها إرادات تُبدى، وتكتم؛ لقوله تعالى: ﴿وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون﴾.
٧ ومنها: أن الله تعالى عالم بما في القلوب سواء أُبدي أم أُخفي؛ لقوله تعالى: ﴿ما تبدون وما كنتم تكتمون﴾.
فإن قال قائل: ما الدليل على أن الملائكة لها قلوب؟ .
فالجواب: قوله تعالى: ﴿حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير﴾ [سبأ: ٢٣].
القرآن
﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٣٤)﴾ [البقرة: ٣٤]
التفسير:
اذكر إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم وتعظيما; وعبودية لله تعالى، فامتثلوا أمر الله وبادروا كلهم بالسجود، إلا إبليس امتنع عن السجود واستكبر عن أمر الله وعلى آدم، وكان في علم الله تعالى من الكافرين.
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ﴾ [البقرة: ٣٤]، "أي اذكر يا محمد لقومك حين قلنا للملائكة" (١).
وقوله تعالى ﴿وَإِذْ قُلْنَا﴾ يعني: اذكر إذ قلنا؛ ومثل هذا التعبير يتكرر كثيرًا في القرآن، والعلماء يقدرون لفظ: (اذكر)، وهم بحاجة إلى هذا التقدير؛ لأن (إذ) ظرفية؛ والظرف لا بد له من شيء يتعلق به إما مذكورًا؛ وإما محذوفًا (٢)؛ وفي نظم الجُمل (٣): لا بد للجار من التعلق بفعل أو معناه نحو مرتقي ومثله" (٤).
وقد جاء الضمير في ﴿قلنا﴾ بصيغة الجمع من باب التعظيم. لا التعدد. كما هو معلوم (٥).
قوله تعالى: ﴿اسجدوا لأَدَمَ﴾ [البقرة: ٣٤]، "أي سجود تحية وتعظيم لا سجود عبادة" (٦).
قال ابن عثيمين: "و(السجود)، هو السجود على الأرض بأن يضع الساجد جبهته على الأرض خضوعًا، وخشوعًا؛ وليس المراد به هنا الركوع؛ لأن الله تعالى فرَّق بين الركوع والسجود، كما في قوله تعالى: ﴿تراهم ركعًا سجدًا﴾ [الفتح: ٢٩]، وقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا﴾ [الحج: ٧٧] " (٧).
و(السجود)، معناه في كلام العرب التذلل والخضوع، قال الشاعر (٨):
يجمع تضل البلق في حجراته ... ترى الأكم فيها سجدا للحوافر

(١) صفوة التفاسير: ١/ ٤٣.
(٢) أنظر: تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٢٥.
(٣) شرح أليفة ابن مالك للحازمي: الدرس (١٢): ص ٧.، وانظر: تمرين الطلاب في صناعة الإعراب: ٦٣.
(٤) شرح أليفة ابن مالك للحازمي: الدرس (١٢): ص ٧.، وانظر: تمرين الطلاب في صناعة الإعراب: ٦٣.
(٥) أنظر: تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٢٥.
(٦) صفوة التفاسير: ١/ ٤٣.
(٧) تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٢٥.
(٨) البيت ورد في اللسان: مادة (س ج د).

2 / 181