معماهای تاریخی حیرتانگیز: بررسی هیجانانگیز در مورد پرابهامترین وقایع در طول زمان
ألغاز تاريخية محيرة: بحث مثير في أكثر الأحداث غموضا على مر الزمن
ژانرها
إذن لماذا انصرف فرويد عن نتائجه؟ وفقا لماسون، فقد صدم زملاء فرويد من الذكور بالنظرية وادعاءاتها الضمنية بانتشار الاعتداء الجنسي؛ لذا تراجع فرويد في ظل استماتته لنيل استحسانهم. وعن ذلك كتب ماسون في كتابه الصادر عام 1984: «بأكبر قدر من الامتعاض، أدركت تدريجيا أن تخلي فرويد عن فرضية الإغواء كان قصورا في الشجاعة.»
وجد ماسون دليلا إضافيا يدعم موقفه في خطابات فرويد لفليس بشأن مريضة تدعى إيما إيكشتاين. كانت إيكشتاين تعاني من عدم انتظام أو آلام في الحيض. فقام فرويد بإحالتها إلى فليس، الذي قرر بدوره أنها بحاجة إلى جراحة في أنفها. وبالنظر إلى الماضي، يتضح أن فليس، الذي كان يعتقد أن الأنف هو العضو المهيمن على الجسم وأنه مصدر مشاكل الحيض التي تعاني منها إيكشتاين، كان دجالا. ومما زاد الأمور سوءا أن فليس أجرى العملية بغير إتقان بأن ترك قطعة من الشاش في الجرح. وعانت إيكشتاين من نزيف شديد، واستمرت في النزف لفترة طويلة بعد أن أنهى فليس عمله.
وصف تقرير فرويد عن حالة إيكشتاين، في خطاب كتبه لفليس بعد الجراحة، النزيف المتواصل كحالة سايكوسوماتية (نفسية جسدية). وأضاف أنها نتيجة لرغبة إيكشتاين الجنسية تجاه فرويد. وقد كان هذا تشخيصا منافيا للعقل بشكل واضح، وأقرب لمحاكاة هزلية للمفاهيم الفرويدية عن الجنسانية المكبوتة والطرح أو التحويل. ورأى ماسون أن مثل هذا التشخيص المنافي للعقل أظهر أيضا إلى أي مدى كان فرويد يتملق إلى زميل، وإلى أي مدى كان يسارع إلى نسب أعراض أي مريض إلى الخيالات لا لحدث فعلي صادم. كان القياس التمثيلي مع نظرية الإغواء واضحا، فلم يكن فرويد قادرا على مواجهة فليس بالحقائق المزعجة المتمثلة في خطأ نظريته الأنفية وأنه أجرى الجراحة بغير إتقان، مثلما لم يستطع مواجهة زملائه الفيينيين بالحقائق المزعجة بالقدر نفسه عن أن الاعتداء على الأطفال مستشر وأن نظرية الإغواء صحيحة.
أحدث كتاب ماسون قدرا هائلا من الجدل. وأطلقت عليه جريدة نيويورك تايمز «ووترجيت علم النفس»، وتبناه الكثير من أنصار المساواة وآخرون ممن يعتقدون أن الاعتداء على الأطفال، خاصة الفتيات، قد استهين به وظل متجاهلا لفترة طويلة للغاية. وأصبح ماسون، الذي فصل من عمله في أرشيفات فرويد، بطلا بالنسبة إلى حركة مناهضة الاعتداء الجنسي.
غير أن رد الفعل العلمي لم يكن إيجابيا بشكل عام، وليس فقط من جانب الفرويديين التقليديين. حتى الكثيرون ممن تحرروا من أوهام فرويد أو التحليل النفسي لم يقتنعوا بشكل عام بحجج ماسون؛ فقد ذهبوا إلى أن حالة إيكشتاين كانت قياسا تمثيليا وليست دليلا. فليس معنى أن فرويد كان مفرطا في مراعاة الآخرين، بل ربما كان جبانا في علاقته بفليس، أن فرويد كان يتصرف على النحو ذاته في المواقف الأخرى.
في الواقع، إن التخلي عن نظرية الإغواء، كما أشار الكثير من الباحثين، كان تصرفا ينم عن شجاعة جمة؛ إذ كانت الفكرة التي حلت محل الإغواء - أن الأطفال يتخيلون أنهم يمارسون الجنس مع آبائهم وأمهاتهم - من الصعب أن تقرب فرويد على الأرجح إلى المؤسسة الطبية. فقد كانت عقدة أوديب فكرة لا تقل تطرفا عن فكرة انتشار الاعتداء على الأطفال، بل إنها كانت أكثر تطرفا ومغالاة، في ظل إدراك الكثير من الأطباء أن هناك حالات اعتداء جنسي على الأطفال قد وقعت بالفعل، في حين لم يفكر أحد في أوديب بوصفه أي شيء سوى مجرد خرافة إغريقية قديمة.
فرويد (إلى اليسار) مع صديقه المقرب ومستشاره في وقت ما فيلهيلم فليس، الذي كان دجالا يعتقد أن بإمكانه حل معظم مشكلات المرضى بعمليات في الأنف. (إيه دبليو فرويد وآخرون، شركة سيجموند فرويد كوبي-رايتس.)
ثمة نقطة واحدة فقط كانت فيها الغلبة لماسون. فقد أقنعت الرسائل المنشورة حديثا لفليس معظم الباحثين بأن فرويد استمر في التمسك بأمله في إنقاذ نظرية الإغواء بعد أن شجبها في خطابه المرسل في سبتمبر 1897 إلى فليس. وبعد ماسون، بات من الصعب المجادلة بأن عقدة أوديب كانت نتيجة مباشرة للتخلي عن نظرية الإغواء؛ بدلا من ذلك صار واضحا أنه قد تخلى تدريجيا عن نظرية ليتبنى الأخرى. أما بالنسبة إلى مبرره للتخلي عن نظرية الإغواء، فقد صمدت الرواية التقليدية، التي ظن فيها فرويد أن مرضاه لم يتعرضوا لاعتداء فعلي، في وجه التحدي الذي أثاره ماسون. •••
إذا كان الفرويديون المخلصون قد ظنوا أن بإمكانهم أن يتنفسوا الصعداء بعد أن ردوا هجوم ماسون، فقد كانوا مخطئين تماما. فقد كان لا يزال هناك هجمة جديدة وأكثر استمرارية في الطريق، وهذه المرة من مجموعة متنوعة من العلماء، والفلاسفة، والنقاد الأدبيين. وربما يكون الناقد الأدبي فريدريك كروز هو من أشعل الجدل الأكبر من بين هذه المجموعة؛ وهو ما يرجع بشكل جزئي إلى ظهور عمله لأول مرة في مجلة نيويورك ريفيو أوف بوكس، التي تعتبر منذ زمن معقلا فرويديا.
في مقالات نشرت في عامي 1993 و1994، اتفق كروز في الرأي مع ماسون على أن فرويد قد كذب بشأن سبب تخليه عن نظرية الإغواء. ولكن على عكس ماسون، الذي كان يعتقد أن فرويد قد تراجع عن قصص مرضاه عن الاعتداء الجنسي من منطلق الخوف، اتهم كروز فرويد بتلفيق تلك القصص من الأساس. فقد كان فرويد، بحسب كروز، في أشد اللهفة لإثبات صحة نظريته، لدرجة أنه شجع مرضاه على تذكر تعرضهم للاعتداء الجنسي في الطفولة. وتفضل المرضى، الذين كانوا في حالة من عدم الاتزان ومتلهفين لإرضاء طبيبهم، بتقديم وصف للاعتداء الذي لم يحدث في الحقيقة.
صفحه نامشخص