وهكذا أنجبت مريم ابنها خارج نطاق الزوجية على منوال بقية الزانيات في سلسلة نسب يسوع. ومتى في رأي مؤلفنا يصف حالة واقعية كان يعرفها تمام المعرفة.
لم أعالج في هذا الحيز الضيق سوى أفكار المؤلف بخصوص ميلاد يسوع وأخلاق أمه مريم، وهي مبسوطة في الفصل الثالث. أما بقية الكتاب فعلى الرغم من تنوع موضوعاتها إلا أنها تهدف في النهاية إلى إقناع القارئ بأن يسوع قد عاش ومات على العقيدة اليهودية، وأن مذهبه لم يكن إلا تنويعا على الخلفية المذهبية التوراتية. فيسوع ليس مؤسس المسيحية، بل بولس الذي فسر يسوع بما يتلاءم مع الروح الدينية اليونانية والرومانية. هذه الأفكار ليست بالجديدة، والمؤلفون اليهود ما زالوا يعزفون على هذا الوتر منذ قرن مضى، من أجل تقويض الإيمان المسيحي والكنيسة المسيحية.
والسؤال الذي أوجهه أخيرا إلى المترجم وإلى الناشر هو: هل بذلتم كل هذا الورق والجهد من أجل إنتاج كتاب يسمعنا بآذاننا شتائم اليهود الذين لم يشفوا غليلهم بعد من يسوع-عيسى عليه السلام وأمه التي اصطفاها الله على نساء العالمين؟
هل كان يسوع متزوجا؟
إن مسألة ما إذا كان يسوع متزوجا، ليست من الموضوعات التي تستحق أن يشغل أي باحث جاد نفسه بدراستها؛ لأنها تنتمي إلى مجال الأدب ( = Fiction ) أكثر من انتمائها إلى مجال البحث الأكاديمي الرصين. والمسألة برمتها لا تمتلك الحد الأدنى من العناصر التي يمكن إخضاعها للتقصي التاريخي ولا لمناهج دراسة كتاب العهد الجديد.
على أن ما حفزني على طرح هذه المسألة هو صدور ترجمة رديئة عن دار نشر سوريا عام 2006م لكتاب صدرت طبعته الأولى في بريطانيا عام 1981م تحت عنوان:
The Holy Blood and the Holy Grail ، أي الدم المقدس والكأس المقدسة.
1
ثم أعيد طبعه مرارا ولقي رواجا كبيرا في أوساط عامة القراء الغربيين الذين لم يقرءوا كتابهم المقدس، وبالتالي لم يكن لديهم معايير للتفريق بين البحث الجاد في الأناجيل والبحث الزائف الذي يستغل جهل القارئ العادي من أجل الانتشار السريع وتحقيق الشهرة والمكسب المادي. وبذلك فقد شرب القارئ من كأس مؤلفي الكتاب الثلاثة دون أن ينتبه إلى جرعة السم اليهودي المركز التي تناولها من قلمهم.
يدور الكتاب حول فكرة أساسية مفادها أن الكنيسة الكاثوليكية قد حاولت عبر التاريخ إخفاء سر رهيب مفاده أن عملية الصلب لم تكن سوى تمثيلية مدبرة بعناية، انتهت بإنزال يسوع عن الصليب قبل موته ثم إنعاشه واختفائه بعد ذلك في مكان سري ، وأن يسوع قد عاش بعد ذلك لمدة طويلة، بعد أن أرسل زوجته مريم المجدلية مع أولاده منها إلى مرسيليا بجنوب فرنسا حيث أسسوا لسلالة ملوك حكمت هناك، باعتبارهم الورثة الشرعيين للملك الذي لم يحكم: يسوع المسيح. فالكأس المقدسة التي كانت أشهر موضوع عالجته الرومانسيات الأوروبية في أواخر العصور الوسطى، ليست في حقيقة الأمر إلا مريم المجدلية زوجة يسوع التي حملت الدم الملكي إلى أوروبا.
صفحه نامشخص