402

فهذه الحادثة التي وقعت في المدائن في عهد عمر ، بين اثنين من كبار الصحابة ، تدل على أن حذيفة الذي أجمع المسلمون على أنه صاحب سر رسول الله(ص) وأنه كان يعرف أسماء المنافقين ، كان يروي أحاديث غضب النبي(ص) على بعض أصحابه ولعنه إياهم ، وأنها كانت أحاديث خطيرة بحيث لو عرفها المسلمون لتبرؤوا من أولئك الصحابة ، وأن سياسة عمر كانت تحريم روايتها تحريما مشددا ، الى حد أن الوالي الذي يرويها يتعرض لغضب الخليفة وعقوبته عزله، حتى لو كان من وزن حذيفة أمين رسول الله (ص) ! فسياسة عمر كانت التغطية المشددة على الممدوحين والملعونين على لسان النبي(ص) !!

أما الحديث الذي نسبته الرواية الى النبي(ص) عن لسان سلمان (إن رسول الله(ص)كان يغضب فيقول في الغضب لناس من أصحابه ، ويرضى فيقول في الرضا لناس من أصحابه) ! فسوف تعرف أنه موضوع وأن النبي(ص) لا ينطق عن الهوى وأن الملعونين على لسان الأنبياء(ع) محكوم عليهم من الله تعالى بالطرد الأبدي من رحمته لعصيانهم وطغيانهم ، وأن اللعن الإلهي لا يمكن رفعه .

بل يفهم من الآيات والأحاديث أن لعنة الأنبياء(ع) تجري في ذرية الملعون الى يوم القيامة ، فهو يبلغ حدا ينضب صلبه من الخير ويختار أولاده طريق الشر !

وهذا ما يفسر لنا تشاؤم العرب من الملعون ، فقد تشاءم عمر من ناقة لعنها بدوي ! فكيف بمن لعنه رسول الله(ص) ؟! روى في كنز العمال:3/877 (عن أبي عثمان قال: بينما عمر يسير ورجل على بعير له فلعنه ، فقال من هذا اللاعن؟ قالوا: فلان قال: تخلف عنا أنت وبعيرك ، لاتصحبنا راحلة ملعونة) !!

إن رواية أبي داود وأمثالها تدل على أن السبب الحقيقي في منع كتابة الحديث النبوي والتحديث ، هو التغطية على الذين غضب عليهم رسول الله (ص) ولعنهم ، والتغطية على من مدحهم وأمر الصحابة والأمة باتباعهم ! وهذا واضح من قوله: (حتى تورث رجالا حب رجال ، ورجالا بغض رجال ، وحتى توقع اختلافا وفرقة) ، وأن الموضوع يتصل بأناس من وزن أهل البيت(ع) ورجال السلطة كعمر وأبي بكر ! وهذا يستوجب إعادة النظر في أصل شرعية السلطة وشخصياتها !!

الأسئلة

1 أليس من حق المسلمين أن يعرفوا موقف نبيهم(ص) من صحابته ، وقد بينه لهم وأبلغهم إياه وأمرهم بإبلاغه؟ فلماذا كتمه أبو بكر وعمر ، ونهيا عن كتابته وروايته ، والله تعالى يقول: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد مابيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. ؟!

صفحه ۴۰۴