هزار و یک شب در ادبیات جهان و مطالعات مقایسهای ادبی
الرواية الأم: ألف ليلة وليلة في الآداب العالمية ودراسة في الأدب المقارن
ژانرها
والحبكة العربية في الرومانسه الفرنسية ظاهرة الوضوح، وهي تتردد في الكثير من حكايات ألف ليلة وليلة، وتمزج، مثلها، بين عالم الواقع وعالم الخيال الذي يصل أحيانا إلى الفانتازيا الخالصة. وحتى التقسيم والشكل في الرومانسه، يتبع تقسيم الليالى العربية، إذ يبدأ كل مقطع بأرجوزة شعرية، يأتي بعدها سرد للأحداث التي وقعت، بادئا دوما بسطر يكاد يكون ما معناه «يقول الراوي يا سادة يا كرام!» كما أنها تحفل بالطرائف ذات الأصل العربي، مثل الموقف الذي يقول فيه أوكاسان إنه لا يحب الذهاب إلى الفردوس لأنه لن يجد هناك إلا القسس والبؤساء والموجوعين، بينما ستزخر جهنم بالأدباء والفرسان والجميلات الناهدات، وحيث ستكون هناك حبيبته نيكوليت!
رومانسات الملك آرثر والكأس المقدسة
تعتبر شخصية الملك آرثر وما حيك عنها من قصص وحكايات وملاحم وأساطير، أحد أهم وأبرز الموضوعات التي شملتها الرومانسات التي اختلطت فيها الصور والموتيفات العربية والإسلامية بأشد الموضوعات غربية ومسيحية، مما يشكل أحد أغرب تلاحم وتداخل فيما بين القصص والأساطير الغربية والعربية. ويتفرع عن «الدورة الآرثرية»، كما أصبح يطلق على كل ما يمت مباشرة لشخصية الملك آرثر، عدة موضوعات أساسية هامة، منها الكأس المقدسة، ومغامرات برسيفال، وقصة يوسف الرامي، وغيرها كثير.
ورغم أن الملك آرثر شخصية أسطورية إنجليزية، فقد وضعت قصصها وحكاياتها في فرنسا، وأول من قام بذلك الكاتب الفرنسي التروبادوري «كرتيان دي تروا»، الذي أدخل قصة الغرام بين زوجة آرثر «جنفييف» والفارس «لانسلوت»، على طريقة حب البلاط الغزلي، الذي يمزج الهوى العذري بالحب الجسدي. ولما كانت قصص الملك آرثر تتعلق كلها بالفروسية والفرسان، ومنها قصة فرسان المائدة المستديرة، كان من الأساسي لأبطال تلك القصص الخدمة في الحروب الصليبية. ومن هنا جاء الاتصال بين وقائع تلك القصص والرومانسات وبين العناصر العربية والشرقية فيها. وقد مزج واضعو تلك الرومانسات الصور السحرية والغرائب والخوارق التي خبروها في الشرق وحكاياته، بالأساطير والتراث الشعبي الكلتي، فأنتجوا مزيجا رائعا من الطلسمات والقصور الشامخة والعذارى الفاتنات والرياض الفواحة، مما يشيع في تلك القصص. وقد ازدهر ذلك النوع من الأدب عن طريق اللقاح الثقافي الذي أتى من الثقافة العربية، وأثرت الأفكار الصوفية عن مثاليات الفروسية، فظهرت واضحة في فرسان الملك آرثر وأعمالهم.
وتمثل الكأس المقدسة رمزا أساسيا في الرومانسات القروسطية. وقد بدأ الحديث عن الكأس بطريقة عامة، ولم يتم ربطه بالكأس التي شرب منها السيد المسيح في العشاء الأخير إلا بعد ظهور قصة يوسف الرامي
JOSEPH OF ARIMATHIE ، وهي رومانسة فرنسية - لها صورة إنجليزية أيضا - تحكي قصة هذه الشخصية الغامضة التي وردت في أناجيل العهد الجديد. والأناجيل تذكر يوسف الذي من الرامة - مدينة يهودية - الذي طلب جسد المسيح من بيلاطس كيما يدفنه حسب التعاليم الدينية. ولا تذكر الأناجيل شيئا آخر عنه. والرومانسة من وضع «روبير دي بورون» حوالي عام 1190م، ويحكي فيها كيف سجن يوسف الرامي بعد ذلك لمدة عشرين عاما كانت الملائكة خلالها تقوم بإطعامه وحفظه، وبعد تحرره يرحل إلى إنجلترا ومعه الكأس المقدسة التي يفترض أنه حصل فيها على قطرات من دماء المسيح، وقام بتأسيس أول كنيسة في إنجلترا ودعا الناس إلى المسيحية هناك. ولا يعرف أحد من أين أتى دي بورون بقصة يوسف الرامي تلك، ولكن بعض الباحثين يربطون بينها وبين ذهاب القديس سنتياجو إلى إسبانيا لدعوة أهلها إلى المسيحية بنفس الشكل، ويرون أن قصص الحجاج الذين يتوجهون إلى مدينة سنتياجو دي كومبوستيلا شمال إسبانيا حيث ضريح القديس سنتياجو، هي التي وراء ابتكار قصة مماثلة عن القديس الذي أدخل المسيحية إلى إنجلترا، والذي يقال إنه مدفون بكنيسة جلاستونبيري حيث يحج الناس إلى قبره هناك. وقد كتب راهب الكنيسة «جون جلاستونبيري»، مخطوطا في القرن الرابع عشر عن قصة يوسف الرامي. وتذكر الباحثة «مارجريت مري» في بحثها المعنون «العناصر المصرية في رومانسة الكأس المقدسة» (وتقتبسها أليس لاساتير في كتابها) أن القصة بها إشارة إسلامية عجيبة الشأن، ترد باللاتينية، وتقول «وكان مع يوسف في تابوته المثوى فيه قارورتان إحداهما بيضاء والأخرى فضية، مليئتان بدم وعرق النبي يسوع.»
ومن المدهش العثور في نص كتبه راهب مسيحي على نعت للمسيح بأنه نبي، وهي صفة لا يطلقها عليه إلا المسلمون أو بعض الطوائف اليهودية.
ولما كان ظهور قصص الكأس المقدسة ويوسف الرامي قد تواكب مع حركة الترجمة الكبرى التي قامت في إسبانيا لنقل المعارف العربية إلى اللغات المحلية، والتي شارك فيها عدد كبير من أتباع الديانات المختلفة ممن كانوا يتقنون اللغات المطلوبة، فإن وجود مثل تلك الإشارات الإسلامية والعربية في متون الكتب، ليس غريبا.
ومن العجيب استمرار قصص وأساطير الكأس المقدسة إلى يومنا هذا، مع صدور الرواية التي أصبحت الأكثر انتشارا «شفرة دافنشي» لمؤلفها «دان براون»، حيث يلعب لغز الكأس المقدسة دورا أساسيا في أحداثها، وفيها أيضا أسرار ومعميات ذات أصول عربية.
بارسيفال
صفحه نامشخص