استيقظت من نومي، وفعلت بالضبط كما قال الصوت. وبعد أن سقط الفارس في البحر، ارتفعت المياه، وظهر القارب الصغير. وأخذت أجدف مدة تسعة أيام حتى رأيت تلالا عن بعد. غمرتني السعادة حتى إنني قلت بصوت مرتفع: «لقد نجوت!»
في هذه اللحظة، انقلب القارب، وغرق في البحر. وظللت أسبح مدة ثلاثة أيام دون أن أقترب من اليابسة. كنت موقنا أنني سأغرق، لكن هبت علي ريح عاصف، وحملتني موجة كبيرة نحو شواطئ إحدى الجزر. •••
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة مدهشة يا أختاه!» فردت شهرزاد: «هذا لا يقارن بما سأرويه لكما غدا إذا تركني الملك على قيد الحياة.»
الليلة الثانية والعشرون
في الليلة التالية، وبينما كانت شهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاء يا أختاه، اروي لنا المزيد من هذه القصة المذهلة.» وأضاف الملك: «لتكن بقية قصة الدرويش الثالث.» فأجابت شهرزاد: «على الرحب والسعة!» •••
بلغني - أيها الملك السعيد - أن الدرويش الثالث تابع رواية قصته قائلا: كان هناك جبل ضخم على تلك الجزيرة، صعدته حتى وصلت إلى القمة، وهناك رأيت قصرا كبيرا مغطى بالذهب الأحمر. كان الباب مفتوحا، فدخلت حيث وجدت قاعة جميلة بها أربعون فتاة يلبسن أثوابا حريرية مرصعة بالجواهر المتلألئة. اندفعن نحوي ، وأحضرن لي كرسيا مريحا. غسلن يدي وقدمي، وجلبن لي الطعام والشراب. جلست الفتيات الأربعون حولي يتحدثن ويضحكن.
نسيت كل معاناتي حينها، وفكرت: «هذا أفضل ما في الحياة التي هي للأسف قصيرة للغاية.» قضيت عاما كاملا في ذلك القصر الجميل، أتناول الطعام والشراب، وأستمتع بكل مباهج الحياة. ومع حلول العام الجديد، بدأت الفتيات في البكاء، وأخذن يتعلقن بي قائلات: «لعلك لا تغادر أبدا.» فسألتهن عن سبب بكائهن وظنهن أنني سأغادر.
فأجبن: «ستكون أنت نفسك السبب.» وأخبرنني أنهن أربعون ابنة لأربعين ملكا، ويجب عليهن ترك القصر مرة كل عام مدة أربعين يوما. وعند مغادرتهن، لن أصاحبهن. ويمكنني أن آكل وأشرب وأفعل ما أشاء، وأتجول في جميع غرف المنزل فيما عدا الغرفة ذات الباب الذهبي الأحمر.
وقلن: «وهكذا، ستعصي أوامرنا. وعندما تفتح هذا الباب، سيتسبب في فراقنا.»
ثم غادرن، وقلت لهن: «والله، لن أفتح هذا الباب أبدا.» وظللت بمفردي في ذلك المكان مدة تسعة وثلاثين يوما، آكل وأشرب وأفعل ما أشاء، وأتفحص كل الغرف فيما عدا الغرفة ذات الباب الذهبي الأحمر. كانت جميع الغرف مليئة بملذات رائعة، مثل أشجار الفاكهة وحدائق الأزهار ذات الروائح العطرة. لكن بعد مرور الأيام التسعة والثلاثين، زاد فضولي أكثر وأكثر بشأن ما كان في الغرفة ذات الباب الذهبي الأحمر. وفي النهاية، لم أتمالك نفسي، وفتحت الباب. وبالداخل، كانت هناك مصابيح من الذهب والفضة، ورائحة عطر قوية.
صفحه نامشخص