الله ام
وبه تقتى
[الحمد لله الملك الجواد خالق الخلق والعباد ، الذى رفع السماء بغير عماد ت2ظ وبسط الارض والمهاد ، وجعل الجبال اوتاد وانبع الماء من الصخر الجماد ، واهلك قوم ثمود وعاد وفرعون ذو الاوتاد . احمده تعالى على ما اولانا من الارشاد واشكره على فضله الذى ليس يحصا بالتعداد
واما بعد فاننا نخبر معاشر الاجواد والسادة الفضلا الامحاد ، بان المقصود من كتابة هذا الكتاب الشهى المستطاب ، النفع لمن يطالع فيه . لان فيه سير كثيرة الادب ومعانى فايقة لاهل الرتب ، ومنها يتعلم الانسان علم الكلام وما جرى للملوك من اول الزمان على التمام . وسميته كتاب الف ليلة وليلة . ويتضمنه ايضا سير جليلة يتعلم سامعها الفراسة منها حتى لا يدخل عليه حيله ، ويصير له التنزه والسرور اوقات الكدر من احوال الزمان المفتنه بالشرور. والله تعالى المهدى الى الصواب ت3 و
قال الراوى صاحب التاليف] كروا والله اعلم بغيبه واحكم فيما مضى وتقدم وسلف من احاديت الامم، انه كان فى قديم الزمان فى ملك بنى ساسان ، فى جزاير الهند وصين الصين ملكين اخوين ، الكبير يقال له شاهريار والصغير يقال له شاهزمان . وكان الكبير شاهريار فارسا جبار وبطل مغوار لا يصطلى له بنار ولا يخمد له تار ولا يقعد عن اخد الثار ، وقد ملك من البلاد اقاصيها ومن العباد نواصيها ، وقد دانت له البلاد واطاعت له العباد. فملك اخوه
صفحه ۵۶
شاهزمان بلاد سمرقند وجعله فيها سلطان ، واقام بها . [واقام هو] فى الهند وصين الصين ولم يزل على هده الحال عشر سنين . واشتاق الى الملك اخوه شاهريار وارسل وزيره خلفه - وكان لوزيره ابنتين الواحده اسمها شهرازاد والاخرى دينارزاد - فامره بالوصول اليه والقدوم عليه . فتجهز الوزير وسار ايام وليالى الى ان وصل الى سمرقند . وسمع بوصوله شاهزمان الى بلاد سمرقند فخرج الى لقيايه فى جماعة من خواصه ، وترجل له وعانقه وساله عن اخبار اخيه الملك الكبير شاهريار فاخبره انه طيب وانه قد ارسله فى طلبه ، فامتتل امره . وانزله ظاهر بلدته ونقل اليه ما يحتاج من زادا واقامات وعلوفات ونحر له النحاير وقدم له الدخاير والاموال والخيول والجمال واقام بواجبه حتى تجهز للسفر عشرة ايام وخلا موضعه فى الملك بعض الحجاب . واخرج قماشه وبات تلك الليله عند الوزير الى نصف الليل وعبر الى المدينه وطلع الى قصره يودع زوجته . فلما دخل الى القصر وجد زوجته نايمه والى جانبها رجلا من صبيان المطبخ متعانقه هى واياه. فلما راهما شاهزمان اسودت الدنيا فى عينيه وحرك راسه زمان وقال فى نفسه ((هدى وانا لسعى ما سافرت ، وانا مقيم ظاهر ا2/1 و بلدتى ، فكيف يكون ادا سافرت الى الهند الى اخى ، وكيف يكون الحال بعدى، ولكن النسا ما عليهم اعتقاد)) . تم انه اغتاض غيضا ما عليه مزيد وقال ((بالله ادا كنت انا ملك وحاكم بلاد سمرقند ويجرى على هدا وتخوننى زوجتى ويتم على هذا الامر)) . تم زاد عليه الغيظ فجرد سيفه وضرب الاتنين - الطباخ وامراته - وجر برجليهما ورماهما من قصره الى اسفل الخندق وخرج على حاله الى ظاهر المدينه الى عند الوزير وامر فى السفر بدلك الوقت . فدق الطبل وسافروا والملك شاهزمان فى قلبه نارا لا تطفى ولهيبا لا يخفى لاجل ما جرى عليه من جهة زوجته وكيف خانته واستبدلت به رجلا طباخ من بعض غلمان المطبخ . ولم يزالوا يجدون السير ويقطعون البرارى والقفار الليل والنهار حتى وصلوا بلاد الملك شاهريار وخرج الملك الى لقيايهم . فلما وقعت عينه عليهم عانق اخوه وقربه واكرمه وانزله بقصر من جوار قصره . وكان
صفحه ۵۷
للملك شاهريار بستان وقد بنى عليه قصرين شاهقين مليحين انيقين وافرد القصر الواحد برسم الضيافه والاخر فيه بيته وحريمه ، فانزل اخوه شاهزمان فى قصر الضيافه بعد ان طلعوا الفراشين غسلوه ومسحوه وفرشوه وفتحوا شبابيكه المطله على البستان . وصار شاهزمان طول نهاره عند اخيه وفى الليل يطلع الى القصر المدكور ينام فيه ويصبح ياتى الى اخيه . الا انه لما اختلا بنفسه وافتكر ما جرا عليه مع زوجته من المحن فتنفس صعدا واخفى امره كمدا ، وقال ((ادا كنت انا ويجرى على هده المجرا والبلا العظيم )) ، وصار يقتل فى روحه ويتغبن ويقول «ما جرا لاحد ما جرا لى» فيتسوس خاطره ، وقل من اكله وركبه الصفار وتغيرت حالته من همه وبقى كلما له الى ورا حتى نحل جسمه وتغير لونه قال صاحب الحديت ولما راى الملك شاهريار الى اخيه وكلما مر عليه يوم ينقص فى عينه ويرق ويمتحل وقد اصفر لونه وتغبر كونه فظن انه من فراق ملكه واهله وتغريبه عنده ، فقال فى نفسه ((اخى ما طابت له هدى الارض ، لكن اريد اجهز له هدية حسنه وارسله الى بلاده» . واقام السلطان يعيى 2/17ظ لااخوه شاهزمان الهدايا مدة شهر . تم ان الملك شاهريار احضر اخوه شاهزمان وقال اعلم يا اخى انى اريد ان اسرح سرحة الغزلان واسير اتصيد عشرة ايام واعود اجهزك للسفر، فهلك ان تسافر معى تتصيد . فقال له يا اخى انى منقبض الصدر ومنغص الخاطر ، فدعنى وسافر انت على بركة الله وعونه . فلما سمع شاهريار كلام اخيه اعتقد انه ضيق الصدر لاجل فراق ملكه وما اراد ان يغصبه فتركه وسافر هو واهل مملكته وعسكره ودخلوا الى البريه وضربوا حلقه الصيد والقنص
قال صاحب الحديت واما شاهزمان فانه بعد سفر اخيه شاهريار جلس فى القصر وتطلع من الشباك الى ناحيه البستان ونظر الى الاطيار والاشجار وافتكر روجته وما فعلت فى حقه فاظهر كمدا وتنفس صعدا
صفحه ۵۸
قال الراوى فبينما هو فى فكرته وحرقته ومحنته يرمق الى السما وينظر الى البستان ويجول فيه نظرة الوسنان وادا بباب السر الدى لقصر اخيه قد فتح وخرجت الست زوجة اخيه وهى بين عشرين جاريه [عشره بيض وعشره سود] وهى تتخطر كانها غزال احور، فنظر اليهم شاهزمان من حيت لا يروه. ولا زالوا يتمشوا حتى وصلوا الى تحت القصر الدى فيه شاهزمان - من حيت لا يروه - وهم يعتقدون انه سافر مع اخوه الى الصيد . فجلسوا تحت القصر وقلعوا تيابهم وادا قد صارت العشره عبيد سود والعشره جوار - وكان لبسهم لبس الجوار - فوقعت العشره على العشره جوار ، وصاحت الست يا مسعود يا مسعود ، فنط عبد اسود من فوق الشجره الى الارض وصار فى الحال عندها وشال سيقانها ودخل بين اوراكها ووقع عليها ، وصارت العشره على العشره ومسعود فوق الست ، ولم يزالوا كدلك الى نصف النهار . ولما فرغوا من شغلهم قاموا الجميع اغتسلوا ولبست العشر عبيد لبس الجوار واختلطوا بالعشر جوار الاخر 3/1و فصاروا عشرين جاريه لمن يراهم . واما مسعود
فانه نط من حيط البستان صار خارج الطريق . وتمشوا الجوار وستهم بينهم حتى وصلوا باب سر القصر فدخلوا وغلقوا باب السر من عندهم ومضوا الى حال سبيلهم
قال الناقل هدا كله يجرا والملك شاهزمان قد شاهد دلك جميعه
قال صاحب الحديت لما راء شاهزمان الى فعل زوجة اخيه الملك الاكبر ، وقد تميز ما صنعوه وقد نظر الى هده المحنه العظيمه والمصيبه الدى عند اخوه فى قصره - عشرة عبيد فى زى الجوار يناموا فى قصره عند سراريه وحظاياه - وتامل زوجته والعبد مسعود ، فانفرج ما كان به من الهم والوسواس وقال «(هدا حالنا ، واخى ملك الارض والحاكم على طولها والعرض وقد عدى عليه فى ملكه ، فى زوجته وسراريه ، والمصيبه عنده فى البيت ، فما هدى كتير فى حقى انا ، وانى كنت اظن ان لم اصيب الا انا ، ما ارى الا الناس كلهم اصيبوا ، ووالله ان مصيبتى اهون من مصيبة اخى» . تم صار يتعجب ويدم
صفحه ۵۹
الزمان الدى ما سلم من محنته احدا . تم انه نسى همه وسلى مصيبته واتاه العشا فاكل بنهمه ومسره واتاه الشراب فشرب بنهمه . وانجلا ما كان فى خاطره فاكل وشرب ولد وطرب وقال «(بعد ما انا ممن بلى بهده المصيبه وحدى ، فانا طيب» . واقام ياكل ويشرب مدة عشره ايام . واتى اخوه الملك شاهريار من الصيد فاستقبله شاهزمان فرحان ووقف فى خدمته وبش فى وجهه . واستوحش له اخوه الملك شاهريار وقال والله يا اخى لقد اوحشتنى من هده السفره وكنت اريد ان تكون في صحبتى قال فشكره اخوه وجلس ينادم اخيه الى ان امسا المساء فقدم لهم الطعام فاكلا وشربا واكل وشرب شاهزمان بنهمه
قال صاحب الحديت واقام شاهزمان ياكل ويشرب ودهب عنه الهم والفكر واحمر وجهه وقويت همته ودار الدم فيه ورد لونه وسمن ورجع الى حالته الاولى واعظم . وتميز الملك شاهريار حالة اخيه وما كان فيه وما
صار اليه فبقى في 3/16ظ قلبه من دلك. تم خلا به يوما من بعض الايام وقال له يا اخى شاهزمان اريدك تقضى فى خاطرى حاجه وتفرج ما بقلبى ، واسالك عن شى تجبنى عنه بصحه. قال وما هويا اخى . قال قد رايتك اول قدومك على وقعودك عندى وانت كلما يمر عليك يوم تنقص فى عيني حتى تغير وجهك واستحال لونك وقصرت همتك ، ولم تزل على هده الحاله فضننت ان الدى اصابك لاجل فراقك لاهلك وملكك فامسكت عن سوالى لك وصرت كلما رايتك فى نقص وتغيير اكتم عنك دلك، فلما ان سافرت انا الى الصيد واتيت رايتك قد انصلح حالك ورد لونك اليك ، فاشتهى ان تخبرنى عن هده الامر وتقول لى ما السبب فى تغييرك عندى اول مره وما سبب رجوع لونك اليك ، ولا تكتمنى من امرك شيأ قال فلما سمع شاهزمان كلام الملك شاهريار اطرق الى الارض . تم قال يها الملك اما السبب الدى اصلح حالى فلا اقدر ان اخبرك به واشتهى ان
صفحه ۶۰
تعفينى من دكره . فعجب السلطان من كلام اخيه تعجبا عظيم وانطلقت فى قلبه النيران وقال لا بد تخبرنى بهدا ، ولكن هات الساعه وحدتنى السبب الاول
قال صاحب الحديت فاحكى له ما جرى عليه من زوجته ليله سفره من المبتدا الى المنتها وقال يا ملك الزمان ، فبقيت عندك كلما اتفكر فيما جرى الى والمصيبه الدى اصابتنى يلحقنى الهم والوسواس والفكر فتغيرت حالتى وهدا سبب دلك. تم سكت . فلما سمع الملك هدا الحديت هز راسه وتعجب غايه العجب من مكر النسا واستعاد من شرهم وقال يا اخى والله لقد افلحت بقتل زوجتك والرجل ، وانت معدور ادا لحقك الهم والوسواس وتغير حالتك ، والدى جرى عليك ما اضنه جرى على احدا غيرك ، والله لو كنت انا ما كفانى اقتل اقل من ماية امراه او الف امراه وكنت اتجنن واخرج مجنون ، والان فالحمد /4و لله الدى عليك لونك . فقال يا ملك اشتهى عليك بالله ان تعفينى من دلك . فقال لا سلاك همك وحزنك ، فاخبرنى ما سبب الدى سلاك عن همك ورد بد من دلك . قال فاخشى عليك من الهم والوسواس اعظم مما جرى على . قال الملك وكيف دلك يا اخى ، ما بقيت ارجع عن سماع الحديت
قال صاحب الحديت فاحكى له ما رآه من شباك القصر، والمصيبه الدى فى قصره - وهم عشر عبيد في زي عشر جوار ينامون عند سراريه وحريمه بالليل والنهار - واحكى له من المبتدا الى المنتها ، وليس فى الاعاده افاده - : ولما رايت ما انت فيه من المصيبه سليت انا وقلت لنفسى ((ادا كان هدا اخى ملك الارض وجرا عليه هدا والمصيبه عنده فى بيته) ، فانفرج همى وزال ما عندى وانشرحت واكلت وشربت ، وهدا سبب فرحى ورد لونى
قال صاحب الحديت فلما سمع الملك شاهريار كلام اخيه وما جرا له غضب غضبا شديدا حتى كاد ان يتقطر دما . تم قال يا اخى انا ما اصدقك فيما تقول الا ان نظرت بعينى . وزاد به الغيض . فعندها قال له شاهزمان ان
صفحه ۶۱
كنت تريد ترى مصيبتك بعينك حتى تصدقنى قوم اعزم الى الصيد ، واخرج انا وانت والعسكر، فادا خرجنا ظاهر المدينه ندع خيامنا والوطاق والعسكر على حاله وندخل انا وانت سرأ الى المدينه وتطلع معى الى قصرك وتصبح تنظر بعينك قال صاحب الحديت فعلم الملك ان حديت الملك اخيه صواب ، فامر العسكر بالخروج الى السفر وبات تلك الليلة هو واخوه . ولما اصبح الله بالصباح ركبوا الاتنين وركب الجيش وخرجوا من المدينه وسبقتهم الفراشين بالخيام الى ظاهر البلد وضربوا السبق والدهليز ونزل السلطان والعسكر . ولما اقبل الليل ارسل الملك الى الحاجب الكبير يامره ان يكون موضعه وان لا ممكن احدا من العسكر الى الدخول الى المدينه تلات ايام، تم اوصاه بالعسكر . وتنكر هو واخوه ودخلوا الى المدينه فى الليل وطلعوا الى القصر الدى شاهزمان نازل فيه
وناموا ا4/1ظ هناك الى الصباح وجلسوا فى شباك القصر ونظروا الى البستان ، وجلسوا يتحدتوا الى ان طلع النور واضا النهار واشرقت الشمس ، ونظروا الى باب السر وقد انفتح وخرجت زوجة الملك شاهريار على عادتها بين عشرين جاريه ومشوا تحت الاشجار حتى وصلوا الى تحت القصر الدى هم فيه ، وقلعوا عنهم لبس النسا وادا هم عشر عبيد [فانكبوا] على العشر جوار وسخموهم . واما الست فانها نادت يا مسعود يا مشعود ، وادا بعبد اسود قد نط من فوق الشجره صار على وجه الارض واتى اليها وقال ما لكى يا كوره ، انا سعد الدين مسعود . فضحكت الست واستلقت على ظهرها ووقع العبد عليها وقضى شغله منها ، وكدلك العبيد . وقاموا العبيد اغتسلوا وعادوا لبسوا لبسهم الدى كان عليهم واختلطوا الجوار وقاموا الجميع ودخلوا الى القصر وغلقوا الباب . واما مسعود فانه نط من الحيط ونزل من الطريق وراح الى حال سبيله
قال صاحب الحديت تم انهما نزلا . ولما راء السلطان شاهريار ما جرى من زوجته وجواره خرج من عقله وقال «ما سلم احدا من هدا الدنيا ، هدا يجرى
صفحه ۶۲
فى قصرى وملكى ، تبأ للدنيا وللدهر ، ما هدى الا مصيبة عظيمه)) . تم اقبل على اخيه وقال تريد تطاوعنى على ما افعل . [قال نعم .] قال له قم ندع ملكنا ونسيح فى حب الله تعالى ونهج على وجوهنا ، فان وجدنا من هو مصيبته اعظم منا رجعنا ، والا نحن نخترق البلاد ولا حاجة لنا بالملك . فقال له شاهزمان نعم ما رايت وانا موافقك على دلك
قال الناقل تم انهما نزلا من باب السر الدى للقصر وخرجا من طريق اخرى وسافروا . ولم يزالوا الاخين سايرين الى الليل فباتوا على تلك الاشجان واصبحوا يمشوا تلك النهار ، فوصلوا الى مرجه على ساحل البحر المالح - والمرجه كتيرة النبات والشجر - وجلسا يتحدتان على مصايبهما وما جرى عليهما . فهما كدلك وادا بصيحة من وسط البحر وصرخة عظيمه ، فخافا وارتجفا وخيل لهما /5و ان السماء انطبقت على الارض . تم انشق البحر وطلع منه عامودا اسود وهو كلما مار قد طال حتى لحق بعنان السما . فخافا شاهريار وشاهزمان ومن عظم خوفهما هربا وطلعا فوق شجرة عظيمه وجلسا عليها وتخبيا فيها واستتروا بورقها . ومدوا نظرهما الى العامود الاسود وادا به خايظا فى الماء وهو يشق البحر قاصدا الى المرجة الخضرا . ولما طلع الى البر وطلع الى المرجه فنظروا وادا هو عفريت اسود وعلى راسه صندوق كبير من الزجاج عليه اربع اقفال فولاد . فطلع العفريت ومشى فى المرجه وما صاب يجلس الا تحت الشجره الدى فيها الملكين ، فقعد العفريت تحت الشجره وحط الصندوق الزجاج على الارض واخرج اربع مفاتيح وفتح اقفال الصندوق واخرج منه امراة تامة القامه ، صبيه مليحه القوام حلوة الابتسام بوجه كانه بدر التمام ، فاخرجها منه وحطها تحت الشجره ونظر اليها وقال يا ست الحراير كلهم ، يا من اختطفتها ليلة عرسها ، اشتهى ان انام قليل . تم ان العفريت حط راسه على حجر الصبيه ومد رجليه وصلت الى البحر ونام وشخر وخط فى نومه . والصبيه رفعت راسها الى الشجره وحانت منها التفاته فرات الملك شاهريار والملك شاهزمان ، فرفعت راس العفريت عنها وحطته على الارض وقامت اتت الى تحت الشجره واشارت اليهم
صفحه ۶۳
بيدها ((انزلوا قليلا قليل الى عندى») . فلما عرفوا انها راتهم خافوا وتضرعوا وتوسلوا لها برافع السما ان تعفيهم من النزول . فقالت لا بد من نزولكم الى عندى. فاشاروا اليها ((وهادى الدى راقد هو عدو الانس ، فبالله دعينا)) . فقالت لا بد من نزولكم ، وان لم تنزلوا عندى والا نبهت العفريت وادعه يقتلكم . تم اشارت اليهم والحت عليهم فنزلوا من على الشجره قليلا قليل حت صاروا قدامها، فرقدت على ظهرها ورفعت رجليها وقالت جامعونى واقضوا غرضى والا نبهت العفريت يقتلكما . فقالا لها يا سيدتنا بالله عليكى لا تفعلى ، ونحن الساعه فى اشد الخوف من هدا العفريت والفزع ، فاعفينا من هده الامر. فقالت الصبيه لهما لا بد من دلك. والحت عليهم وحلفت لهم : والله رافع السما لين لم تفعلا والا نبهت العفريت زوجى لكما وامره ا1 /هظ ان يقتلكما ويغرقكما فى هدا البحر. تم الجت عليهم فما قدروا ان يخالفوها ، فجامعها الكبير تم الصغير . ولما فرغوا وقاموا عنها قالت لهم اعطونى خواتمكما . تم اخرجت من بين اتوابها كيس صغير وفتحته ونكتت ما فيه فخرجت منه تمانيه وتسعين خاتم مختلفات الالوان والصياغات ، وقالت لهم اتدرون ما هده الخواتم . قالوا لا . قالت اصحاب هده الخواتم كلها جامعونى وكل من جامعنى اخدت منه خاتم ، وها قد جامعتمونى ايضا فاعطونى خواتمكما حتى اضيفهما الى هده الخواتم ويتكملون ماية خاتم ويكون قد اكتشفنى ماية رجل على قرن هده العفريت الادنس الاقرن الدى حبسنى فى هده الصندوق وقفل على بااربع اقفال واسكنى وسط هده البحر العجاج المتلاطم بالامواج ، وصاننى وارادنى ابقا حره او منصانه ولم يعلم ان المقادير لم ترد ولا يمنعها شى وادا ارادت الامراه شيأ لا يقدر احدا ان يردها . فلما سمع الملكان شاهريار وشاهزمان كلام الصبيه تعجبوا عجبا عظيما ومالوا من الطرب وقالوا الله الله ، لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم ، «ان كيد كن عظيم،، . تم ان قلع كل واحد منهم خاتمه وناوله لها ، فاخدتهما ووضعت الجميع فى الكيس وراحت وجلست عند راس العفريت وشالت راسه وجعلته
صفحه ۶۴
فى حجرها كما كان واشارت اليهما ««روحا الى حال سبيلكما والا نبهته لكما))
قال صاحب الحديت فرجعوا واستقبلوا الطريق . واقبل شاهريار على اخيه وقال له يا اخى شاهزمان ، انظر الى هده المصيبه ، هدا والله اعظم من مصيبتنا ، هدا جنى وخطف صبيه ليلة عرسها وجعلها فى صندوقه الزجاج وقفل عليها بااربع اقفال واسكنها فى وسط البحار ، زعم انه يصونها من القضاء والقدر، وهادى قد رايت انها جامعت تمانيه وتسعين رجلا وانا وانت تمام 6و المايه ، فارجع بنا يا اخى الى ملكنا ومدننا
ونحن ما بقينا نتزوج باامراة قط ، واما انا فسوف اريك ما اصنع
قال صاحب الحديت تم انهما رجعا على اعقابهما . ولم يزالا سايرين الى الليل فوصلا الى عسكرهما صبحة اليوم التالت ودخلا الى الوطاق وجلسا على سرير ملكهما ودخلت الحجاب والنواب والامرا والوزرا على الملك شاهريار ، فنها وامر وخلع واعطا واوهب . وامر بالدخول الى المدينه فدخلوا وطلع الى قصره وامر وزيره الاكبر - ابو الجاريتين دينارزاد وشهرازاد الاتى دكرهما - وقال له خد هدى زوجتى واقتلها . تم دخل اليها وربطها واعطاها الى الوزير فخرج بها وقتلها . واخد الملك شاهريار سيفه وسله ودخل الى قصره ومقاصيره وقتل كل جارية عنده وغير بدالهم وآلا على نفسه ان لا يتزوج قط لا ليلة واحده ويصبح يقتلها حتى يسلم من شرها ومكرها ، وقال «ما على وجه الارض امراة حرة قط ابدا» . تم انه جهز اخوه شاهزمان وارسله الى بلاده وارسل معه هدايا وتحف واموال وغيرها . وودعه وسافر الى بلده
قال صاحب الحديت وجلس شاهريار [على سريره] وامر وزيره - ابو الجاريتين - ان يزوجه بواحده من بنات الامرا . فخطب له واحده من بنات الامرا ودخل عليها شاهريار وقضى شغله منها . فلما اصبح الصباح امر الوزير
صفحه ۶۵
بقتلها . تم اخد بنتأ غيرها من بنات اجناده تلك الليله وجامعها واصبح امر الوزير بقتلها ، فما قدر يخالفه فقتلها . تم اخد تالت ليله بنتأ من بعض تجار 24
قال الراوى ولم يزل الملك شاهريار ياخد كل ليله بنتأ من اولاد التجار وبنات العامه ويبات معهم ويصبح يقتلهم حتى فنيت البنات وتباكت الامهات وضجت النسوان والابا والوالدات وصاروا يدعوا على الملك بالافات ويشكوه الى خالق السماوات ويستغيتوا لسامع الاصوات ومجيب الدعوات قال الناقل وكان الوزير الدى يقتل البنات
له بنت كبيره اسمها شهرازاد ا6/1ظ والصغيره دينارزاد . وكانت الكبيره شهرازاد قد قرات الكتب والمصنفات والحكمه وكتب الطبيات وحفظت الاشعار وطالعت الاخبار وعلمت اقوال الناس وكلام الحكما والملوك ، عارفه لبيبه حكيمه اديبه ، قد قرت ودرت
قال صاحب الحديت فقالت لابيها يوما من الايام يا ابتاه انى مطالعتك على ما فى سرى. فقال وما هو. قالت اشتهى منك ان تزوجنى الى الملك شاهريار ، اما اننى اتسبب فى خلاص الخلق واما اننى اموت واهلك ولى اسوة بمن مات وهلك. فلما سمع الوزير كلام ابنته شهرازاد غضب وقال يا قليله العقل ، انتى ما تعلمى ان الملك شاهريار قد اقسم على نفسه انه ما يبات مع البنت الا ليلة واحده ويصبح يقتلها ، وانتى اهديكى له ينام معكى ليله واحده ويصبح يامرنى بقتلكى فاصبح اقتلك ما اقدر اخالفه . قالت له يا ابتاه لا بد ان تهدينى اليه ودع يقتلنى . قال وما الدى اقام عليكى فى هده الامر حتى تخاطرى بنفسكى . قالت يا ابتاه لا بد ان تهدينى له ، قولا واحدا وفعلا جازما. فغضب الوزير ابوها وقال يا بنيه انه ممن لم يعرف ان يتصرف فى الامور وقع فى المحدور، ، من لم يحسب العواقب ما الدهر له بصاحب، ، كما قيل فى المتل الساير كنت قاعد بطولى ما خلانى فضولى، ، وانا اخشا عليكى ان يتم لك ما تم للحمار والتور مع الزراع . قالت يا ابتاه وما تم للحمار والثور مع الزراع . قال
صفحه ۶۶
اعلمى ان كان بعض التجار المياسير له مالا ورجال ومواشى وجمال وله زوجه واولاد واطفال ، وكان يسكن البر ممتحن بالزرع ، وكان يعرف بلغة البهايم والحيوانات ، والسر ادا فسره لاحدا مات . فكان يعرف بكل لغه من جنس الحيوان ولا يعلم احدا به خوفا على نفسه ان يموت . وكان عنده فى الدار تورا وحمار وكل منهم مربوطا الى معلف متقاربين . فجلس التاجر يوما ا7/1و الى جانبه [زوجته] يقول للحمار يا ابا اليقضان هنيا مريا لك فيما انت فيه من الراحة والخدمه واولاده يلعبون قدامه . ونظر الى التور والحمار فسمع الثور والكنس والرش تحتك ، ولك من يخدمك ، ويطعموك الشعير مغربل والما البارد الرايق ، وانا ياخدونى من نصف الليل ويحرتونى ويركبوا على رقبتى شيأ يقال له الناف والمحرات واعمل طول النهار وشق الارض واكلف ما لا اطيق واقاسى الضرب من الزراع والفرقله ، وتهرت اجنابى وتتسلخ رقبتى ويستعملونى من الليل الى الليل ويطلعوا بى فى الليل الى دار البقر ويلقحوا لى الفول بالطين والتبن بقصله ، وابات فى الخرا والبول طول ليلتى ، وانت لم تبرح فى كنش ورش ومسح ومعلف نضيف ملان تبن ، وانت واقف مستريح وفى النادر حتى يعرض لصاحبنا التاجر حاجه يركبك فيها ويعود على اتره ، وانت مستريح وانا تعبان ، وانت نايم وانا سهران . ولما فرغ الثور من كلامه التفت اليه الحمار وقال يا بغنوص ، ما كدب من سماك ابا التور ، فانت يا ابا تور ما عندك مكر ولا خبت ولا لآمه ، تبدى النصح وتجهد روحك وتقتل نفسك فى راحة غيرك ، اما سمعت المثل من حيت يقول من عدم التوفيق استبدر الطريق، ، تخرج من الادان الى الغيط ، تقاسى العداب والحرت والقتل ، وتجى يربطك الزراع على المعلف تبقى تخبط وتنطح بقرنك وتضرب برجلك وتصيح وما تصدق حتى يرموا لك الفول [فتآكله ، بل اذا جاؤوك به] فلا تاكل منه شيا بل شمه وتاخر ولا تدوقه واقنع بالتبن والقش ، ولو فعلت هدا كان اوفق لك وارفق ، وترى ما تلقى من الراحه
قال فلما سمع التور كلام الحمار علم انه ناصحا له ، فشكره بلسانه ودعا
صفحه ۶۷
له وجزاه خيرا وتيقن نصحه وقال له كفيت الاسوا يا ابو اليقضان - هدا كله يجرى يا بنتى والتاجر يعرف ما يقولون . فلما كان تانى يوم اتى الزراع الى [بيت] التاجر واخد الشور وركب عليه المحرات واستعمله فقصر فى عمله وحرته ، فضربه الزراع فمكر الثور - وقد قبل وصية الحمار - [فرمى بنفسه الى الارض] فضربه الزراع . فلم
زال يقوم ويقع الى ان اقبل الليل فطلع به ا7/1ظ الزراع الى الدار وربطه على المعلف فبطل التور صراخه والضرب بيده ورجله وتباعد عن المعلف فتعجب الزراع من قصته ، واتاه بالفول والعلف فشمه التور 295 المعلف ملان فول وتبن لم نقص منه شى ولم يتغير، ورآء التور راقد ونفخ بطنه وحبس نفسه وشال رجليه ، فحزن عليه الزراع وقال فى نفسه «والله لقد كان متضعف مقصر)) . تم جا الى التاجر وقال يا مولاى ان الثور لم ياكل الليله علفه ولا داق منه شيا . وقد عرف الامر التاجر وقال للزراع ادهب الى الحمار المكار وشد عليه المحرات واجتهد فى استعماله حتى يوفى مكان التور . [فذهب الزراع واخذ الحمار] فشد عليه المحرات وخرج من الغيط وضربه وكلفه حتى حرت مكان التور. ولا زال يضربه حتى هرا اظلاعه وتسلخت رقبته ، واتى الليل وطلع به الى الدار والحمار لا يقدر يجر يده ولا رجله واودانه مرخيه . واما حكاية الثور فانه كان نهاره نايم مستريح يشتر وقد اكل علفه كله وشرب واصطبر واستراح وصار طول نهاره يدعى للحمار ويحمد رايه عليه . فلما اقبل الليل ودخل عليه الحمار فى تلك الليله نهض له قايما وقال مسيت بالخير يا ابا اليقضان ، والله لقد صنعت معى جميلا لم اطيق اصفه ، فلا برحت مسددا مهدبا، جزاك الله عنى خيرا يا ابا اليقضان . فما رد عليه جواب الحمار من غيضه عليه ، وقال فى نفسه «هدى كله جرا على بشوم تدبيرى ، وكنت قاعدا بطولى ما خلانى فضولى، ، فان لم افعل معه حيله وارده الى ما كان عليه والا هلكت» . تم راح الى معلفه وانبطح والثور يشتر ويدعو له
صفحه ۶۸
وانتى يا بنتى كدلك تهلكى بسو تدبيرك ، واقعدى واسكتى ولا تلقى روحكى الى التهلك ، وانا ناصحا لك شافقا عليك . فقالت يا ابتاه لا بد ما اطلع الى هدا السلطان وتهدينى له . قال لا تفعلى . قالت لا بد من فعله . وقال ان لم تقعدى والا فعلت معكى مثلما فعل التاجر صاحب الزرع مع زوجته . [فقالت له يا ابتى وما فعل مع زوجته] . قال لها 8/1و اعلمى انه [بعد ما] جرى للحمار مع التور تلك المجرا ، خرج هو وزوجته فى القمر الى دار البقر، فسمع الحمار يقول للتور بلغته يا ابا التور ما انت صانع غداة غد ، اسمع منى ، ادا اتاك الزراع بالعلف ما تعمل . فقال التور ايش اعمل غير الدى اشرت على به ، ما بقيت افارقه ، وادا اتانى بالعلف امكر واتمارض وارقد وانفخ بطنى . فحرك الحمار راسه وقال لا تفعل ، تعرف ايش سمعت صاحبنا التاجر يقول للزراع . قال ايش . قال [قال] ادا لم ياكل التور علفه وينهض قايما والا صيح الى الجزار يدبحه ويتصدق بلحمه واسلخ جلده نطع ؛ وانا خايف عليك ، والنصح من الايمان ، وادا اتاك العلف فكله واستيقض والا دبحوك وسلخوك . فظرط التور وصاح ، ونهض التاجر على حيله وضحك ضحكا عاليا مما رآء من الحمار والتور، فقالت زوجته له مما ضحكك ، اتهزو بى . فقال لا . فقالت له قولى ما سبب ضحكك . فقال لها ما اقدر اقوله ، واخاف من السر ادا بحت به فيما يقولوه الحيوانات بلغتهم ، وما اقدر. فقالت وما يمنعك تقولى دلك . قال يمنعنى ان اموت . فقالت زوجته والله كدبت ، وانما هدى حجه منك ، والله وحق رب السمآء ان لم تقول لي سبب ضحكك وتفسره لى والا ما قعدت معك ، ولا بد مما تقول لى . ثم انها دخلت الى الدار وبكت ولم تزل تبكى الى الصباح . فقال التاجر ويلك قولى لى مما بكاك ، وارجى الله ، وارجعى واتركى سوالكى ودعينا . قالت لا بد من هدا ولم ارجع عن هدا . فتعب منها وقال لا بد من هدا ، ان قلت لك ما سمعت من الحمار والتور حتى ضحكت فاموت . فقالت لا بد ودعك تموت انت . فقال ادعى باهلك . فادعت باابنتيه وبااهلها وامها وابوها
صفحه ۶۹
واتوا بعض الجيران ، فاعلمهم التاجر انه قد حضرته الوفاه ، فتباكوا الجميع وتباكت [الكبار و]الصغار واولاده والزراع والغلمان وصار عنده عزآء . تم انه ادعى بالشهود العدول فحضروا ، وقام اوفا لزوجته حقها وكاتبها واوصى على اولاده واعتق جواره وودع اهله ، فتباكوا الجميع وبكت الشهود ، واقبلوا الوالدين على الامراه وقالوا لها
ارجعى عن هده الامر فزوجك لولا علم وتيقن انه ادا باح بسره بموت ما عمل هدا . فقالت ما ارجع عن هدا . فبكوا الجميع واقاموا العزى . فيا بنتى شهرازاد ، فكان عندهم فى الدار خمسين طير دجاج ومعهم ديك . فجلس التاجر حزين لفراق الدنيا وفراق اهله واولاده . فبينما ما هو مفتكر ويريد يبيح بالسر ويتكلم به اد سمع كلب عنده فى الدار يقول بلغته وهو يحدت الديك - والديك قد ضرب بجناحيه وصفق بهما ونط على دجاجه واستقضاها ونزل عنها وطلع فوق دجاجة اخرى - ففطن التاجر لكلام الكلب فسمعه يقول بلسانه ايها الديك ما اقل حياك ، خاب من رباك ، ما تستحى فى مثل هده اليوم تفعل هده الفعال . فقال الديك وما هو هده اليوم . فقال له الكلب اما تعلم ان سيدنا وصاحبنا اليوم فى عزا وزوجته تطالبه ان يبوح لها بسره وهو متى قاله لها مات ، وها هم فى هده الامر ويريد يفسر لها لغة الحيوان ، وكلنا حزانا عليه وانت تصفق بجناحيك وتطلع فوق هدى وتنزل عن هدى ، ما تستحى . فسمع التاجر الديك يقول له يا مجنون يا بهلول ، ادا
صفحه ۷۰
واكتافها بالقتل . ولم يزل يضربها وهى تستغيت وتقول لا لا ، ما بقيت اسالك عن شى ، دعنى دعنى ، ما بقيت اسالك عن شى - حتى تعب من /9و الضرب وفتح الباب وخرجت الامراه تايبه مما جرى منها وفرحوا
الجميع وانقلب العزآ بفرح وتعلم حسن التدبير
وانستى الآخرى ما ترجعى عن هدا حتى افعل معك متلما فعل التاجر مع زوجته . فقالت والله ما ارجع وما هده الحكايات تردنى عن طلبى ، ولو اشتهيت احكيت متل هدا كتير، واخر هدا ان لم تطلعنى للملك شاهريار من داتك والا طلعت انا من وراك واقول له انك ما سمحت بى لمثله وبخلت على استادك بمتلى . قال لها الوزير لا بد لك من هدا . قالت نعم
قال صاحب التاريخ فلما عيا منها وتعب معها طلع للسلطان شاهريار ودخل عليه وقبل الارض بين يديه واخبره بخبر ابنته وانه يهديها تلك الليله له . فتعجب الملك وقال ايها الوزير وكيف سمحت بابنتك لى ، وانا والله وحق رافع السما ما اصبح اقول لك اقتلها ، وان لم تقتلها والا قتلتك . فقال يا مولانا السلطان هكدا عرفتها واوضحت لها ، ما قبلت وارادت الليله تكون عندك. ففرح الملك وقال له انزل اصلح امرها وايتينى بها اول الليل . فنزل الوزير واعاد الرساله على ابنته وقال لها لا اوحش الله منك . ففرحت شهرازاد فرحا شديدا واصلحت امرها وما تحتاجه . واقبلت على اختها الصغيره دينارزاد وقالت لها يا اختاه افهمى ما اوصيكى به ، انا ادا طلعت الى السلطان ارسل وراكى فادا طلعتى ورايتى الملك قضا حاجته قولى لى يا اختاه ان كنتى غير نايمه فحدتينى حدوته ، فها انا احدتكم فهى سبب نجاتى وخلاص هده الامه واخرج الملك عن ستته . فقالت نعم . تم ان الليل اقبل فاخدها الوزير وطلع بها الى الملك الاكبر شاهريار فدخل بها فراشه ولاعبها فبكت . فقال لها ما بكاك. قالت ان لى اخت واريد ان اودعها الليله وتودعنى قبل الصباح . فارسل الملك خلف اختها فحضرت دينارزاد ونامت تحت السرير. ولما جن
صفحه ۷۱
لليل انتبهت دينارزاد وصبرت حتى قضى الملك من اختها غرضه واستيقضوا الجميع ، فتنحنحت دينارزاد وقالت يا اختاه ان كنتي غير نايمه فحدتيني ا9/1ظ بحدوته من احاديتك الحسان الدى نقطع بها سهر ليلتنا واودع قبل الصباح ، فما ادرى مادا يتم لكى اغدا. قالت شهرازاد للملك شاهريار دستورك احدت . قال نعم . ففرحت شهرازاد وقالت اسمعى
لليلة الاولى
من حديت الف ليله وليله من الغرايب
[قالت شهرازاد]
زعموا ايها الملك السعيد وصاحب الراى الرشيد ، ان بعض التجار كان موسر الحال كثير المال صاحب نوال وعبيد وغلمان، وله عدة نساء وعدة اولاد وله قراض وديون فى ساير البلاد . فخرج يوما يريد السفر الى بعض البلاد . فركب دابة وعمل تحته خرج فيه قريصات وتمر زوادة له ، وسافر ايام وليالى فكتب الله له السلامة حتى وصل الى البلاد [الذى قصدها] وقضى شغله منها يها الملك السعيد ، وجعل مسافرا الى بلده واهله . فسافر تلاته ايام وفى اليوم الرابع حمى عليه الحر واوهج البر ورآء قدامه بستان فقصد اليه ليستظل تحته ، فاتا الى اصل شجره جوز عندها عين مآء تجرى ، فجلس على العين وربط دابته وحط خرجه واخرج بعض تلك القرص الزواده وقليل ثمر وصار ياكل تمر ويرمى النوى يمينا وشمالا حتى اكتفى . ثم قام توضى وصلا . فلما سلم لم يشعر الا وجنى شيخ رجليه فى التراب وراسه فى السحاب وفى يده سيف مشهور، فاتى حتى وقف قدامه وقال قم حتى اقتلك بهده السيف كما انك قتلت ولدى ، وصرخ عليه . فلما سمع التاجر كلام الجنى وراه هابه وداخله الرعب منه ، فقال يا سيدى وباى دنب تقتلنى . قال اقتلك كونك قتلت
صفحه ۷۲
ولدى. قال له ومن قتل ولدك. قال الجنى انت قتلت ولدى . فقال له التاجر بالله انا ما قتلت ولدك ، متى وكيف يكون . فقال الجنى اليس انت جلست واخرجت من جرابك تمر وصرت تاكل التمر وترمى النوى يمينا / وشمالا. قال التاجر نعم انا فعلت ذالك . فقال الجنى انت
قتلت ولدى ، ودلك انك لما صرت ترمى النوا يمينا وشمالا كان ولدى كما مشى فجآت نوايه فيه فقتلته ، وانا لا بد لى من قتلك . وقال التاجر لا تفعل يا مولاى. فقال لا بد من قتلك كما قتلته ، اليس القتل بالقتل . فقال التاجر انا لله وانا اليه راجعون ، لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم ، ان كنت قتلته فما قتلته الا خطآء منى فاشتهى ان تعفو عنى . فقال الجنى والله لا بد من قتلك كما قتلت ولدى. تم انه جدبه وبطحه على الارض ورفع السيف ليضربه فبكى وندب اهله وزوجته واولاده ، ورفع السيف ليضربه فبكى التاجر حتى بل تيابه وقال لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم ، وانشد يقول شعر (1) :
الدهر يومان دا امن ودا حدرو
والعيش شطران دا صفوا ودا كدرو
2 قل للدى بصروف الدهر عيرنا
هل عاند الدهر الا من له خطرو
3 اما ترى الريح ان هبت عواصفه
فليس يقصف الا عالى الشجرو
4 وكم على الارض من خضرا ويابسة
وليس يرجم الا من بها ثمرو
5 وفى السما نجوما لا عداد لها
وليس يكسف الا الشمس والقمرو
6احسنت ظنك بالايام اد حينت
ولم تخف غب ما ياتى به القدرو
7 وسالمتك الليالى فاغتررت بها
وعند صفو الليالى يحدت الكدرو
فقال الجنى لما فرغ التاجر من بكايه وشعره والله لا بد من قتلك ولو بكيت دما ، كما قتلت ولدى . فقال التاجر ولا بد لك . فقال الجنى لا بد لى. تم شال السيف ليضربه
ثم ادرك شهرازاد الصبح فسكتت عن الحديت . واشتغل سر الملك شاهريار البقية الحديت . ولما ان طلع الفجر قالت دينارزاد لاختها شهرازاد ما احسن
صفحه ۷۳
حديتك واعجبه . قالت واين هدا مما احدتك به الليله القابله ان عشت وابقانى هدا الملك ، فهو احسن من هدا الحديت واعجب. فقال الملك فى نفسه «(والله لا اقتلها حتى اسمع بقية الحديت واقتلها ليله غدا» . ثم اصبح الصباح وطلع النهار واشرقت الشمس وقام الملك وخرج
لملكه وحكمه ، فعجب الوزير ابو ا10/1ظ شهرازاد لدلك وفرح . ولا زال الملك شاهريار يحكم الى الليل ، فدخل البيت وطلع الى فراشه ودخلت شهرازاد معه الى الفراش . قالت دينارزاد لاختها شهرازاد بالله يا اختاه ان كنتى غير نايمه فحدتينى بحدوته من احاديتك الحسان نقطع بها سهر ليلتنا هدى . قال الملك وليكن تمام حديت الجنى والتاجر فان قلبى متعلق بحديته . قالت حبا وكرامه وعزازه ايها الملك السعيد
لليله الثانيه
من غرايب حديت الف ليله وليله
قالت شهرازاد
زعموا ايها الملك السعيد صاحب الراى السديد ، ان الجنى لما رفع يده بالسيف قال له التاجر ايها المارد لا بد لك من قتلى. قال نعم . فقال ما تمهلني حتى اودع اهلى واولادى وزوجتى واقسم ميراتى بينهم واوصى عليهم وارجع اليك تقتلنى . قال العفريت اخشى انى اطلقك وامهلك تروح تفعل ما اردت وما ترجع تجى. فقال التاجر انا احلف لك يمين واعاهدك واشهد على رب السما والارض انى اجى اليك. فقال له فكم المهله . قال له التاجر سنه ، حتى اشبع من اولادى واودع زوجتى واتخلص من ظمانات الناس واجى راس السنه . قال له الجنى الله على ما تقول وكيل ، ان اطلقتك تاتينى راس السنه . قال التاجر الله على ما اقول وكيل . فلما حلف اطلقه الجنى ،
صفحه ۷۴
فركب التاجر دابته وهو حزين واستقبل الطريق . وما زال ساير حتى وصل الى بلده ودخل الى بيته واولاده وزوجته . ولما راهم اخدته البكا وزاد دمعه واظهر الاسف والحزن فانكروا حالته وقالت له زوجته ايها الرجل ما حالتك وما هدا البكا ، ونحن اليوم عندنا الفرح والعيد بلقياك فما هدى العزا . فقال لها وكيف لا يكون العزا وبقى من عمرى سنة واحده . تم اعلمها بما جرا له فى سفره مع الجنى واخبرهم انه حلف له انه ياتيه راس السنه حتى يقتله
قال فلما سمعوا كلامه بكوا ولطمت الامراه على وجهها وقطعت شعرها وصرخت البنات وبكت الصغار وقام العزا وتباكوا الاولاد حول ابوهم دلك 11/1و النهار وصار يودعهم ويودعوه. ثم انه قام تانى يوم وشرع فى قسم ميراته والوصيه وتخلص من الناس واعطا واوهب وتصدق وجعل عنده مقريين يقرون له ختمه واحضر الشهود العدول واعتق الجوار والعبيد واعطا الاولاد الكبار نصيبهم من ماله ووصى على اولاده الصغار واوفى لزوجته حقها وكتابها . ولا زال حتى تقضت السنه الا مسافة الطريق ، فقام توضى وصلى واخد معه كفنه وودع اهله ، فتعلقت اولاده فى حلقه وتباكت البنات حوله وصاحت زوجته ، فافزع قلبه بكايهم ودرفت عيونه وصار يقبل اولاده ويبوسهم ويبكي ويودعهم ، وقال يا اولادى هدا حكم الله وقضايه وقدره والانسان ما خلق الا للموت . تم ودعهم وتركهم وركب دابته وسار ايام وليالى حتى وصل الى مكان السستان - وكان وصوله راس السنه - فجلس فى المكان الدى اكل فيه التمر وقعد ينتظر الجنى وهو باكى العين حزين القلب . فبينما هو قاعد اد اقبل عليه شيخا ومعه غزاله مسلسله ، فجا اليه وسلم عليه فرد التاجر عليه السلام. فقال له الشيخ يا اخى ما قعادك هاهنا وهدى المكان موضع المرده واولاد الاباليس وهدا البستان معمور ولا افلح من كان فيه . فاخبره التاجر ما جرا له مع الجنى من اوله الى اخره . فتعجب الشيخ من وفا التاجر وقال ما هذا الا يمين عظيم معك . تم جلس الى جانبه وقال والله ما بقيت ابرح حتى
صفحه ۷۵