آلبر کامو: تلاشی برای مطالعهی اندیشهی فلسفیاش
ألبير كامي: محاولة لدراسة فكره الفلسفي
ژانرها
14
ليس التمرد مجرد احتجاج يقوم به العبد ضد سيده الذي يضطهده، ولا هو مجرد الثورة التي يعلنها إنسان على من ينكر حقه في الحرية. إن التمرد أعمق من ذلك وأكثر شمولا. والحق أن هناك إلى جانب تمرد العبد على سيده تمردا آخر يختلف عنه، وينبغي أن نفصل بينهما فصلا واضحا، وإن كان ذلك لا يمنع من القول بأنهما يسيران في خطين متوازيين. ذلك هو «التمرد الميتافيزيقي»، فإذا كان العبد يتمرد على من ينكر عليه قيمة يعرف الآن أنها مشتركة بينه وبين جميع الناس، فإن الإنسان في التمرد الميتافيزيقي إنما يتمرد قبل كل شيء على الموت والفناء الذي قدر عليه بما هو إنسان، على الخليقة كلها وعلى تلك القوة التي يحملها مسئولية الموت والتعاسة و«فضيحة» المصير الإنساني الذي كتب عليه أن يلقاه.
إنه بذلك يفترض وجود الله في نفس اللحظة التي ينكره فيها. إنه ينتزع هذا الكائن العلي من ديمومته الأبدية ويدخله في وجوده الذي يرى أنه محال، ويلقي به في دوامة التاريخ. بذلك يريد التمرد أن يؤكد أن كل موجود متعال فهو على الأقل في مستواها متناقض مع نفسه.
15
هنا يواجهنا السؤال العسير: ما هي علاقة المتمرد بالله؟
الحق أن المتمرد لا ينكر وجود الله؛ فهو يتهمه بالظلم، ولا يطمح إلى الانتصار عليه؛ ففي ذلك خروج على الحد يكافحه أينما كان. إنه يرفض وجود الله ويتحداه، والإنسان لا يرفض ما لا وجود له، ولا يتحدى وهما ولا عدما. وطالما كان المتمرد يضع نفسه في موقف الاختيار بين إله قادر على كل شيء ولكنه شرير، أو بين إله طيب ولكنه عقيم،
16
فإننا لا نستطيع أن نقول عنه إنه ملحد
athéiste ، بل أقصى ما نستطيع أن نقوله عنه أنه مناهض للربوبية
antihéiste . إنه يرفض وجود الله باسم الإنسانية الدنيوية التي ترى أن مشكلة الإنسان الحقيقية - كما تعبر عن ذلك شخصية تارو في رواية الوباء - أن يحاول أن يكون قديسا بغير إله ولا دين يرتبط به، وأن يعلن ثورته على الوجود الذي تعذب فيه الأطفال وتموت، دون أن يرفع عينيه إلى سماء يصمت فيها الله، كما تعبر عن ذلك شخصية الطبيب ريو في الرواية نفسها؛ فالتمرد على الله ليس هو الأصل في التمرد الميتافيزيقي الذي عرفنا أنه تمرد على المصير الإنساني الذي كتب فيه الفناء على الإنسان، بل الأولى أن يقال إن التمرد على الله مشتق من التمرد الميتافيزيقي. إن الإنسان الذي يجد نفسه ملقى به في عالم محكوم عليه بالموت، ويرى الأطفال الأبرياء يتعذبون ويموتون أمام عينيه، يتمرد على الله الذي يعتبره أصل العذاب كله، ويرى أنه هو «أب الموت» و«أكبر الفضائح».
صفحه نامشخص