العقيدة في الله
العقيدة في الله
ناشر
دار النفائس للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الثانية عشر
سال انتشار
١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م
محل انتشار
الأردن
ژانرها
ينفونه، ولا يكيفونه كما نقل ذلك عنهم أبو الحسن الأشعري ﵀. (١)
وقد نقل لنا أهل اللغة أن العلماء بالعربية الذين لم تتدنس فطرهم بقاذورات الفلسفات الوافدة أبوا أن يفسروا استوى باستولى.
قال داود بن علي الأصبهاني: كنت عند ابن الأعرابي، فأتاه رجل فقال: ما معنى قوله ﷿: (الرَّحمن على العرش استوى) [طه: ٥] فقال ابن الأعرابي: هو على عرشه كما أخبر، فقال: يا أبا عبد الله: إنما معناه استولى، فقال ابن الأعرابي: فما يدريك؟ العرب لا تقول استولى على الشيء حتى يكون له مضاد، فأيهما غلب فقد استولى عليه، أما سمعت قول النابغة:
إلا لمثلك أو من أنت سابقه ××× سبق الجواد إذا استولى على الأمد (٢)
وهذا النهج، وهو معرفة معنى الاستواء وجهل الكيفية والنهي عن البحث فيها هو منهج السلف الصالح، فعندما سئل الإمام مالك: (الرّحمن على العرش استوى) [طه: ٥] كيف استوى؟
أطرق مالك، وأخذته الرحضاء، ثم رفع رأسه فقال: " الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه، ولا يقال: كيف؟ وكيف عنه مرفوع، وأنت صاحب بدعة، أخرجوه ". (٣)
وفي رواية عن مالك أنه قال: " الكيف غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة ". (٤)
وقوله: " غير مجهول " أي: معلوم، والمعلوم منه معناه، فإن له في لغة العرب معنى تفقهه العرب، وتعيه، ويمكن للعالم أن يفسره، ويترجمه، ولذا فإن كثيرًا من الذين حكوا عن الإمام مالك مقالته السابقة ينقلونها عنه
(١) مقالات الإسلاميين: ص٢١١، ٢٩٠. (٢) لسان العرب: ٢/٢٤٩. (٣) رواه البيهقي، وصححه الذهبي: انظر مختصر العلو للعلي الغفار، للذهبي: ص ١٤١ حديث رقم: ١٣١. (٤) انظر مختصر العلو: ص ١٤١، وحديث رقم ١٣٢.
1 / 187