فصحت ولم أتمالك نفسي: علية!
فقال الرجل عاتبا: علية! من علية؟ فالسلطان لم يسمها علية، هي وردخان سليلة السلاطين.
ولم أتذكر إلا في تلك اللحظة أنني لم أعرف اسم ابنة علاء الدين، لقد كنت أدعوها علية وأناجيها وأصاحبها في خيالي على أنها علية، وأرتل التسبيح على صورتها التي سميتها علية. ولكني لم أسمع حقا من قبل ماذا كان اسمها. لم أعرف إلا عند ذلك أن علية تلك لم تكن إلا صورة أخرى عرفتها في شبابي وخلطتها بالصورة الأخرى حتى صارتا عندي خيالا واحدا. أف لنفسي وويح لقلبي! لقد عشت ما عشت في عالم خصصت به نفسي، ولم أفرق فيه بين الأشباح والأشياء، ولا عيب على الناس إذا هم رموني بالتخليط.
وسمعت الرجل يعيد قائلا: أما سمعت بشراي يا جحا؟
وكان ينظر إلي متعجبا، ولا لوم عليه إذا تعجب مني؛ فقد كنت جديرا بالعجب لصمتي ووجومي واصفرار وجهي وزيغ بصري. لقد كان الرجل ينتظر أن أثب راقصا أخلع عمامتي فرحا وأغني مرحا، ولكني لم أفعل بل بقيت في دهشتي صامتا.
وبعد لأي استطعت أن أجمع نفسي فقلت مضطربا: هذا شرف لم أكن به جديرا.
فربت الرجل على كتفي وقال باسما: ليس عليك من بأس في دهشتك؛ فإن السعادة قد تذهل الناس كما تذهلهم النكبات.
وكأنه قد فهم من حالي وقولي أنني قد قبلت، فقام وحياني منحنيا، ثم قبل الأرض عند الباب وتركني قائما.
ولم أذق طعم النوم في تلك الليلة بعد انصراف الرجل، فإني ما كدت أفيق من صدمة الوزارة حتى صدمت بخطبة ابنة السلطان.
عجبا لنفسي! أما كنت أتحدث في ماهوش عن علية؟ فما الذي غير نفسي منذ رأيت وردخان؟ أهو القدر يسخر مني ؟ أم هذا كله خيال أهذي فيه كما يهذي المحموم في بحرانه؟
صفحه نامشخص