الأخلاق الفاضلة قواعد ومنطلقات لاكتسابها
الأخلاق الفاضلة قواعد ومنطلقات لاكتسابها
ناشر
مطبعة سفير
ژانرها
مقدمه
إن الحمد لله، نحمده، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يَهده الله فلا مضل له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﷺ.
أمّا بعد: فهذا هو الإصدار السادس من سلسلة: "دراسات في المنهج" وقد جاء بعنوان: "الأخلاق الفاضلة، قواعدُ ومنطلقاتٌ لاكتسابها"، وهو موضوعٌ قد اتّجهتُ إلى كتابته منذ عام ١٤٠٣هـ تقريبًا، وانشغلتُ به طوال هذه السنوات، وأنا في تفاعلٍ معه، وعلى قناعة به وبالكتابة فيه، وقناعةٍ بالتربية عليه التربيةَ الأخلاقية النظرية والعملية.
وقد اتّجه الرأيُ الآن إلى نشْر ما نَجَزَ من أوراقه، بدلًا من إرجائه حتى يكتمل؛ ولا سيما أن من العسير أن يوفَّى هذا الموضوع حقه، أو أن يَكْتبَ شخصٌ عن موضوعاته كلها كتابةً وافيةً.
ولئن بقيتْ للموضوع بواقٍ جديرةٌ بالتأمل والنظر والبحث والكتابة، فالأمل أن تتواصل متابعة ذلك واستكماله في إصدار آخر أو أكثر.
أهميّة الأخلاق:
إن للأخلاق الفاضلة أهمّيةً عظمى في حياة الإنسان سواءٌ بالنسبة له، أو بالنسبة للمجتمع الذي يعيش فيه، أهميةً تفوق الحاجة إلى الطعام والشراب، ذلك أنه بهذه الأخلاق يعيش حياته السعيدة في الدنيا، ويصير
1 / 3
إلى حياة أسعد في الآخرة. وإن الإنسان بدون مكارم الأخلاق يصبح عديمَ الخير والفائدة كثيرَ الشرّ والضرر ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى.
ولمحاسن الأخلاق في الإسلام مكانةٌ فريدة لم تكن في دين من الأديان، أو منهج من المناهج، وقد بلغ بها الإسلام من المكانة أن قال رسول الله ﷺ: "إن مِن خياركم أحسنَكم أخلاقًا" ١ وقال أيضًا: "إنّ مِن أحبِّكم إليّ أحسنَكم أخلاقًا" ٢ وقال أيضًا: "اتّقوا النار ولو بِشِقّ تَمْرَة، فإن لم تجد، فبكلمة طيِّبة" ٣.؟
ونظرًا لهذه الأهمية، ونظرًا لطبيعة الأخلاق، فإن الكتابة فيها تبقى متجددة على الرغم مما كُتب فيها؛ فطالما أن موضوع الأخلاق متشعبٌ بتشعّب الحياة، متجدد بتجددها، فإن الحاجة إلى الكتابة في هذا الموضوع تبقى متشعبة متجددة أيضًا، رغم وجود عدد من الدراسات السابقة.
خطأ شائع:
وأودّ أن أشير في هذه المقدمة إلى خطأ يقع فيه بعض الناس حول فطرية الأخلاق، فقد زعم بعض الناس أن أخلاق الإنسان فطرية فقط، ولا يمكن اكتسابها، وهذا ادّعاء يردُّه الواقع، فلو كانت الأخلاق لا تَقْبل
_________
١ أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب المناقب، باب صفة النبي ﷺ، برقم٣٣٦٦. ومسلم، في الفضائل، برقم٦٨٢٣٢١.
٢ أخرجه البخاري، في فضائل الصحابة، باب مناقب عبد الله بن مسعود، ﵁ رقم٣٥٤٩.
٣ صحيح البخاري: كتاب الزكاة، باب الصدقة قبل الرد. برقم١٣٤٧، و١٣٥١، ومواضع أُخر. وأخرجه مسلم، في كتاب الزكاة، برقم٦٦-٦٨١٠١٦.
1 / 4
التغيير لم يكن للمواعظ والوصايا معنى، ولم يكن للتربية والتهذيب والأمر بهما معنى، ولم يكن للحدود والزواجر الشرعية عن اقتراف الآثام إذَنْ معنى. والواقع المشاهَد يدل على فائدة ذلك وإمكانه في الحيوان فضلًا عن الإنسان؛ يَسْتأنس الصيد الوحشي، ويعلّم الكلب عاداتٍ، وتُدرَّب الفرس.
لكن ينبغي أن يُعْلم أن المقصود بالتربية تهذيب الطباع والأخلاق النفسية لا اقتلاعها وقمعها بالكلّية لأن ذلك غير ممكن وليس مرادًا شرعًا، بل هو خروجٌ عن الفطرة والشرع.
والمراد بتهذيبها أن تكون مستخدمة في أداء التكاليف الشرعية على اختلاف درجاتها، وفي المباحات في حد الاعتدال -دون إفراط أو تفريط-١.
وبهذا يتضح المراد في كثير من صفات الإنسان النفسية وأخلاقه التي تلازم -غالبًا- غرائزه الجسدية النفسية، وذلك مثل:
غريزة الجنس، وغريزة الغضب، وغريزة الأكل، وغريزة حب البقاء، وغريزة حب التملّك.
ويُفهَم ذلك في ضوء حديث الثلاثة الذين قال فيهم النبي ﷺ: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني" ٢.
_________
١ يُنظَر: في مجمل هذه الأفكار مختصر منهاج القاصدين، لابن قدامة ص١٦٥-١٦٨.
٢ أخرجه البخاري، برقم ٤٧٧٦، ومسلم في النكاح، برقم٥ ١٤٠١.
1 / 5
وبهذا يُدرَك خطأ أنماطٍ من السلوك والمناهج التربوية عند بعض المربين الذين يخرجون عن هذا المنهاج الشرعيّ وعن هذه الغاية من التربية، حينما يُفْرطون أو يُفَرِّطون، أو يتّجهون إلى قلْع الخُلُق كلّيًّا، أو إهمال الجسد، أو المتطلبات الفطرية في الإنسان: الجسدية أو النفسية.
هدف هذا الموضوع:
إنّ الذي يأمُلُه، والذي قَصَده، كاتب هذه الأوراق المتواضعة هو:
- أن تكون محاولَةً عملية لنقْل الإنسان نحو الخُلُق الفاضل، والبعد عن مساوئ الأخلاق.
- وأن تكون هذه جزءًا من صيغةٍ تربوية أخلاقية لإصلاح الراعي والرعية١ -أيًّا كان مَوقِعهما- والكبير والصغير، والمثقف والمتعلم، والرجل والمرأة، والشاب والشابة؛ فإنّ هؤلاء جميعًا محتاجون في تعاملهم إلى مكارم الأخلاق، سواء أكان تعاملًا مع الله تعالى، أم مع الناس، أم مع النفس.
وإنّ جميع أولئك يبحثون عن فهْم طبيعة الأخلاق، وطريقة اكتسابها، والطريق إلى التحلّي بالفضائل والبعد عن الرذائل، ما داموا أُناسًا أسوياء على الفطرة. أما غيرهم فليسوا مخاطبين إلا إذا بقيتْ لهم بقيةٌ من عقلٍ غيرِ مأسورٍ عن فهمِ الواجب، واكتساب الخُلُق الأفضل، والتحلّي بالحلة الأجمل، أعني بها الحلّة التي ينسجها الإنسان لنفسه بنفسه، ويَلبسها
_________
١ وقد قال النبيُّ ﷺ: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيّته".
1 / 6
بنفسه، وتكون لُحْمتها وسَداها آياتِ الله البيّنات، وحديثَ مَن لا يَنطق عن الهوى ﷺ، وفطرةَ الله الخالق التي فَطر الناس عليها، إنها مكارم الأخلاق!
فدونَكَ أيها الأخ، وأيتها الأُخت، حلّةً دُونها كل حُلَلِ الدنيا، وسِترًا لا يُغني عنه أيُّ سِتْر!
والثقةُ يَقينٌ بأنّ الجميع يبحثون عن هذا المطلب وهذه الأُمنية!
ويقينٌ لا شك معه أيضًا في أنه لا يستطيع أحدٌ من الناس أن يحول بينك أيها الإنسان وبين لُبْس هذه الحلّة إذا تَحققتْ رغبتك الصادقة فيها، ولم تكنْ أسيرًا لأحدٍ ممن ضل الطريق وسار في طريق التخلّي أو تَخلَّى عن هذه الحلّة الجميلة السابغة الساترة في الدنيا وفي الآخرة!.
ودُونَك أيها الأخ، وأيتها الأخت، قَدْرًا ليس بالقليل من عُمُرِ أخيكما وأوقاته الغالية عنده، وجهده١ المضني -عملًا وتفكيرًا- يُهديه إليكما، ولا يبتغي من ذلك إلا هدايةً يرجوها للجميع وتوفيقًا وتسديدًا!.
أسأل الله ﷿ أن ينفع بهذه الكلمات، وأن لا يجعلها حُجّة على قائلها، وأن يتجاوز عما فيها من قصور وتقصير.
وإنّ من الواجب عليّ أن أشكر الله تعالى، فله الحمد والشكر كله سبحانه على صرْفه إياي إلى هذا الموضوع، وعلى تفضّله عليّ بكل ما فيه من توفيق، وعلى سائر نِعَمِهِ عليّ وعلى الناس.
ثم أشكر جزيل الشكر كل من أسهم معي فيه برأي أو مشورة
_________
١ قد أوضحتُ بداية كتابة هذه الأوراق وأحوالها في موضوع قصتي مع الموضوع.
1 / 7
أو جهد، وكل من أفادني فيه بصورة مباشرة أو غير مباشرة، شَعَرَ بذلك أو لم يشعر، وهُم فضلاءُ كثيرون، ولئن لم تحتفظ ذاكرة كاتب هذه السطور أو مذكّرته بأسماء أولئك الأفاضل، فإنّ ملائكة الرحمن ﷻ قد سجلتْ أسماءهم وأعمالهم؛ فإنه: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَولٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتيدٌ﴾ ١. وهذا يَصْدُق على أعمال الإنسان كلها، خيرها وشرها! ﴿فَمَن يَّعْمَل مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَّرَه﴾ ٢.
والله الموفق الهادي إلى سواء السبيل.؟
والحمد لله رب العالمين أوّلًا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا، سرًا وجهرًا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
عبد الله بن ضيف الله الرحيلي
المدينة المنورة
محرّم ١٤١٦هـ
_________
١ ١٨: ق: ٥٠.
٢ ٧: الزلزلة: ٩٩.
1 / 8
منهج البحث
مدخل
...
منهج البحث
على الرغم من أن الموضوع دعويّ إلا أنني قد راعيت في كتابته منهجًا يتلخص فيما يلي:
١- اعتمدت في اختيار الموضوعات، والكتابة عنها، على الملاحظة والتجربة لقضية الخطأ والصواب في تصرفاتنا، وما أَلْحظه من خطأٍ وصواب ونتائجَ كلٍ منهما في سلوكي وتصرفاتي، وسلوك الآخرين وتصرفاتهم، كل ذلك بعين المراقب الراغب في اكتشاف الخطأ وإصلاحه.
٢- وقد اعتمدت المقياس الشرعي، الذي جاءت به نصوص الكتاب والسنة، مقياسًا للتمييز بين الحسن والقبيح في السلوك والأخلاق، سواء ذكرت النص أم لم أذكره.
٣- أَعْملتُ ما وهبني الله ﷿ من عقل وفطرة في التفريق بين المقبول والمردود وما يقره شرْع الخالق وما لا يقره، وذلك امتثالًا للأوامر الإلهية المفروضة على البَرَيّة، وكذلك خروجًا من عهدة هذه النعم والحجج الربانية على الإنسان بهذا العقل وهذه الفطرة.
٤- حرصت على تسجيل الخواطر والمواقف العقلية والفطرية تجاه السلوك والأخلاق المشاهدة في واقعنا، والشاهدة عليه، مفترِضًا أن تكون تلك المواقف هي ذاتها مواقف غيري من البشر الأسوياء جميعًا حتى أعدادٍ كبيرة من الكافرين؛ لأننا جميعًا خَلْق الله، ولأننا جميعًا بنو آدم ﵇، ولأننا جميعًا قد زودَنا الخالق بالعقل ذاته
1 / 9
والفطرة ذاتها، وإنما انحرف من انحرف منّا بسبب تعطيله لهذه النعم والحجج والوسائل الإلهية، إلى جانب إعراضه عن نداء الله له بكلامه في كتابه القرآن الكريم وعلى لسان رسوله محمد ﷺ، فمن أعرض عن هذين النداءين الكريمين فقد عرّض نفسه للهلاك المحقَّق لا المتوقع، إلا أن يمنّ الله عليه بتوبة وأوبة قبل أن تُبِيره الحَوْبة، وأعني بهذين النداءين: النداء الأول: نداء الله للإنسان من داخل ذاته عبْر فطرته وعبْر عقله، والنداء الثاني: نداء الله له في كتابه، القرآن، وعلى لسان رسوله في حديث رسول الله النبي الخاتم ﵇! فمن رفضها فقد رفضه الله، "وعلى نفسها جنت براقش"!!.
ولعلنا في غنى في هذا المقام عن الرد على الزاعمين أو الداعين إلى تنقُّص العقل والفطرة باسم الدعوة إلى الكتاب والسنة، أو التقليل من شأنهما؛ فيزعمون، بواقع حالهم هذا، التناقضَ بين خَلْق الله وبين أمْره!.
٥- لم أقصد استيعاب الموضوع، ولا أستطيع لو قصدت، وذلك لتشعب مثل هذا الموضوع تشعبَ مختَلَفِ مناحي حياة الإنسان وتنوِّعِ سلوكه وأخلاقه، وإنما تناولتُ منه ما اتسع له وقتي وجهدي الآن، فإن أراد الله فيما بعد استكمال ما يمكن استكماله فهذا ما أرجوه وإلا فالنية يؤجر عليها المؤمن.
٦- اشترطت على نفسي ألا أعتمد في الاستدلال إلا على دليل صحيح من النقل أو العقل.
٧- عزوتُ الآيات إلى المصحف الشريف، واتّبعتُ في ذلك طريقةَ محمد فؤاد عبد الباقي، ﵀، بذكْر رقم الآية أو الآيات أوّلًا، فاسم
1 / 10
السورة، فرقم السورة١.
٨- خرّجت ما أوردته من الأحاديث تخريجًا مختصرًا لا يعدو العزو إلى مصدرٍ صحيح، وإلا فإلى مصدرٍ لم يشترط الصحة، كالسنن الأربعة مثلًا، ولكن لم أورد من ذلك المصدر إلا ما كان صحيحًا.
٩- إذا كان الحديث في الصحيحين فإنني لم أُلْزم نفسي إلا بإحالته إلى أحدهما، أيًا كان: البخاري أو مسلمًا؛ لأن هذا هو الذي يحقق الغرض من عزو الحديث هنا، وهو بيان أنه صحيح. وعزوت الأحاديث إلى مصادرها بذكر رقم الحديث، ولا سيما إذا كان في الصحيحين.
واعتمدت في العزو إلى صحيح البخاري على طَبَعاتٍ، هي: طبعة دمشق، ط. الرابعة ١٤١٠هـ - ١٩٩٠م، نشر دار ابن كثير واليمامة، ضبْط وترقيم د. مصطفى ديب البُغا. كما اعتمدتُ على مختَصَر الزبيدي لصحيح البخاريّ، المسمّى "التجريد الصريح للجامع الصحيح"، بيروت، دار النفائس، ط. الخامسة. ١٤١٢هـ - ١٩٩٢م. بتحقيق: إبراهيم بركة، مراجعة أحمد راتب عرموش، كما رجَعْتُ إلى الصحيح نُسْخة "فتح الباري بشرح صحيح البخاري"، لابن حجر العسقلاني، القاهرة، ط. المكتبة السلفية ومطبعتها، بترقيم محمد فؤاد عبد الباقي. فإذا ذكرت رقم الحديث في صحيح البخاري فالمقصود رقْمه في ط. البُغا، وإلا بيّنتُ الطبعة المقصودة.
واعتمدت في عزو الأحاديث إلى صحيح مسلم ترقيمَ محمد فؤاد عبد الباقي؛ بذكْر الرقم الخاصّ، ثم ذكْر الرقم العامّ بين قوسين.
وإذا عزوت الحديث إلى البخاري نَقلتُ في الغالب رقمه في صحيح
_________
١ وهو ما جرى عليه في كتابه "المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم".
1 / 11
مسلم معتمِدًا على الرقم الذي ذكره عنه في الحاشية محقِّقُ صحيح البخاري في طبعة دمشق، وهو مصطفى البُغا.
١٠- وقد كانت الوجهة منذ البداية ألاّ يكون الموضوع تكرارًا لما كتبه الآخرون، ومِن ثم لم يأت الموضوع نقولًا، وإنما في الغالب تأملًا وتدبرًا وتجربةً، إلا مَوْطنين طال فيهما النقل، هما:
الأول: ما رأيت تلخيصه من موضوعاتٍ اعتمدتُ فيها على مؤلف سابقٍ أجاد في بيانها، كالذي نقلته في الفصل الأول، مدخلِ التعريف ببعض المعاني عن الأخلاق، فاختصرتُ جلّه عن عبد الرحمن حبنكة في كتابه: الأخلاق الإسلامية وأسسها.
الثاني: بعض ما رأيته من عباراتٍ بليغة وآراء سديدة في التعبير عن بعض المعاني الأخلاقية؛ كالذي رأيته مِن هذا عند ابن حزم في كتابه الأخلاق والسير في مداواة النفوس؛ فنقلتُه عنه بنصه على طوله في الفصل الخامس، المبحث الرابع؛ لِما رأيته فيه مِن تميّز في بابه وفق عناوين وضعتها، بعد تصحيح ما فيه من أخطاء مطبعية ونحوها.
وما عدا هذين الموطنين فالشأن فيه كما ذكرتُ١.
_________
١ ثمّ لعلني قد خرجتُ عن هذا في بعض المواضع القليلة، فيما بعد، عند مُراجَعاتي المستمرّة للكتاب للإضافة والتعديل، ولكن، وَفق انتقاءٍ راغبٍ عن كثرةِ المنقول عن الآخرين إلا عن حاجةٍ واضحةٍ.
1 / 12
قصتي مع الموضوع
اولا: رحلتي مع الموضوع:
...
قصتي مع الموضوع
في هذه الفقرة حديثٌ عن قصتي مع هذا الموضوع وفق العناوين التالية:
أولًا: رحلتي مع الموضوع:
قد شغلني موضوع الأخلاق زمنًا ليس بالقصير، بل لقد أحببت الأخلاق الفاضلة منذ صباي، وتفتّح ذهني على الرغبة في التمييز بين الخطأ والصواب في أخلاقي وأخلاق الناس وتصرفاتهم، ولا زلت أذكر يوم أن كنت في تلك المرحلة من العمر أجلس مع كبار السن - إن جلست معهم - وأنا أَرْقُب، بشيء من العناية، تصرفاتهم لأتعرف على أخطائهم؛ لأحفظها في ذاكرتي بهدف أن آخذ نفسي بالابتعاد عنها إن أنا وصلت إلى أعمار أولئك الكبار! وكنت أشعر في قرارة نفسي بعمق الخطأ من الإنسان! وكنت على قناعة شديدة أن الإنسان الكبير لا يليق به شيء من الأخلاق السيئة، ولا تليق به الأخطاء.
1 / 13
وعلى هذه الوجهة مضى بعض عمري، ثم لَعَلِّي وصلت إلى السن التي كان عليها أولئك الكبار، فراجعت نفسي حينئذٍ: يا تُرى: وهل سَلِمْتُ مما عِبْتُ به أولئك الناس قبلي؟!
وهل سَلِمتْ لي أخلاقي كما أُحب؟!
وكان الجواب هو أنني رغم ذلك قد أصابني شيء أو أشياء مما قد أصاب غيري في هذه المرحلة من العمر!!.
وتساءلت عندها: سبحان الله! وكيف تكون الحال لو لم آخذ نفسي بما اجتهدت أن آخذها به؟!
وكيف حالُ من لم يتطلع منذ صغره إلى ما تطلعت إليه؟! الله المستعان!!.
إنه مع المجاهدة سيبقى في النفس أو يَعْلق بها بعض الشوائب من وَضَرِ الحياة الدنيا! ولكن الأمل حينئذٍ أن لا تكون هي الأصل في حياة الإنسان، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن المرجوّ أن تكون المجاهَدة كفيلةً باستئصال تلك العوالق، ومن هنا تأتي أهمية هذه المجاهدة لإقامة النفس على أمر الله تعالى، وقد قال سبحانه في محكم كتابه: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُم سُبُلَنَا﴾ ١.
إنني على قناعة اليوم -أكثر مما كنت في الصِّبا- بأن الأزمة في هذه الدنيا إنما هي أزمة أخلاق، سواء بالنسبة للمسلمين أو غيرهم من أُمم الأرض، ولأجل ذلك يحصل ما يحصل في الدنيا من أزمات حادّة، ومن
_________
١ ٦٩: العنكبوت: ٢٩.
1 / 14
مشكلات مُفْنية للدين والخُلُق والإنسان والدواب والشجر!!.
وأخلاقُ المرء مرتبطة بعقيدته ودينه ولا شك، بل هي ثمرة من ثمرات العقيدة والدين.
فللدين أثره.
وللنشأة والتربية والمجاهدة آثارها.
وللملاحظة والاعتبار أثرهما في الحياة.
وللمطالعة والدرس أثرهما.
وللمعاناة أثرها في الحياة.
لقد ظللتُ فترةً من عمري أرقب نفسي وأرقب غيري في أَمْر الأخلاق والخطأ والصواب، فتبقى آثار ذلك في نفسي بليغة سلبًا وإيجابًا، سرورًا وحزنًا، رضًا واستنكارًا.
ومرّت عليّ في مدرسة الحياة مشاهد، وقصص، وتجارب، كثيرًا ما تَنْطِق كلها بما يطابق الحق الذي جاء به كلام رب العالمين وحديث سيد المرسلين! من باب توافُقِ الفطرة والعقل والشرع.
وكنت في تلك التجارب والمشاهد كثيرًا ما أتلقى فيها الدرس بالمقلوب!؟
نعمْ الدرس بالمقلوب!.
أرى الظلم والظالم والمظلوم والعاقبة فأستوعب الدرس!.
أرى الخطأ وعاقبته وآثاره فأفهم الدرس!.
كما أُشاهد العمل الصائب والطاعة والعاقبة فأُوقن بالحقيقة!.
1 / 15
لقد أفدت من هدايات الكتاب والسنة، وأفدت أيضًا من مدرسة الحياة ودروسها بما في ذلك الخطأ والصواب!.؟
ثانيًا: الانتقال إلى الكتابة: ولقد استمرت تلك المشاهدات والتجارب عددًا من السنوات، انتقلْتُ بعدها إلى كتابة عددٍ من الملحوظات تجاهها، استهدفتُ فيها تسجيل ما يشبه القواعد والمنطلقات اللازمة لمحاكمة النفس، أو لتبصيرها بالطريق إلى اكتساب الأخلاق الفاضلة، وطريقة تجاوز بعض العقبات!. وعرضتُ أولئك الكلمات على عددٍ من الناس في مناسبات متعددة فلقيتْ قبولًا نبهني على مدى الحاجة إلى الكتابة عن الموضوع، فاستكملت تلك الأوراق بأوراق أخرى ليست بعيدة عن الهدف ذاته، وليست بعيدة عن الدوافع والأسباب ذاتها أيضًا. فأصبحتْ هذه وتلك عصارة أشجانٍ يتطلع صاحبها إلى أن يتخلق بالأخلاق الحميدة، وإلى أن يتخلق بها كذلك الناس من حوله. إن هذه الوريقات التي أُقدمها إلى القارئ العزيز قد جاءت ثمرةً لحالاتٍ متعددة، مَرَّ بها كاتبها، حاول من خلالها أن يرصد الخطأ حينًا، وما ينبغي أن يكون حينًا آخر. وتشعبت الموضوعات تشعبَ الأخلاق ذاتها، ولم يكن -مع ذلك- بالإمكان استيعاب كل الموضوعات؛ لأن الأخلاق تَدْخل في تصرفات الإنسان كلها، وفي سلوكه وفي اهتماماته كلها، فلا يمكن فصلها عن شيء من حياته: جده وهزله، فرحه وحزنه، خطئه وصوابه....
ثانيًا: الانتقال إلى الكتابة: ولقد استمرت تلك المشاهدات والتجارب عددًا من السنوات، انتقلْتُ بعدها إلى كتابة عددٍ من الملحوظات تجاهها، استهدفتُ فيها تسجيل ما يشبه القواعد والمنطلقات اللازمة لمحاكمة النفس، أو لتبصيرها بالطريق إلى اكتساب الأخلاق الفاضلة، وطريقة تجاوز بعض العقبات!. وعرضتُ أولئك الكلمات على عددٍ من الناس في مناسبات متعددة فلقيتْ قبولًا نبهني على مدى الحاجة إلى الكتابة عن الموضوع، فاستكملت تلك الأوراق بأوراق أخرى ليست بعيدة عن الهدف ذاته، وليست بعيدة عن الدوافع والأسباب ذاتها أيضًا. فأصبحتْ هذه وتلك عصارة أشجانٍ يتطلع صاحبها إلى أن يتخلق بالأخلاق الحميدة، وإلى أن يتخلق بها كذلك الناس من حوله. إن هذه الوريقات التي أُقدمها إلى القارئ العزيز قد جاءت ثمرةً لحالاتٍ متعددة، مَرَّ بها كاتبها، حاول من خلالها أن يرصد الخطأ حينًا، وما ينبغي أن يكون حينًا آخر. وتشعبت الموضوعات تشعبَ الأخلاق ذاتها، ولم يكن -مع ذلك- بالإمكان استيعاب كل الموضوعات؛ لأن الأخلاق تَدْخل في تصرفات الإنسان كلها، وفي سلوكه وفي اهتماماته كلها، فلا يمكن فصلها عن شيء من حياته: جده وهزله، فرحه وحزنه، خطئه وصوابه....
1 / 16
وتطلّبتُ القرب من الكمال فيما أردت نشره من ذلك ... وحَبَسْتُ الأوراق، وطال الحبس، وكَثُرَ إلحاح بعض الإخوة الفضلاء في نشرها أو نشر ما اطلعوا عليه منها ...
وتوصلت في النهاية إلى اختيار عدم التضحية بالكل طلبًا للكمال الذي يعز الوصول إليه.
ولكن حسبك أن تُصحِّح النية، وأن تبذل الوسع، وأن تجتهد أن لا تنشر إلا صوابًا - بحسب الإمكان- في أقل الأحوال.
وها أنا أقدمها إلى القارئ العزيز وريقاتٍ بذلت فيها ما الله أعلم به من: الوقت، والجهد، والتأمل والتفكير، والمعاناة!!.
وقد جاءت ثمراتِ أحوالٍ مختلفة: فمنها ما كُتب في المكتبة، ومنها في السفر، ومنها في السيارة، ومنها في الطريق، ومنها في السهل ومنها على رأس جبل، ومنها ما كان في راحة بال، ومنها ما كان في حال انشغال، ومنها ما كان في حال شدة، ومنها ما كان بضدها، ومنها ما كان في حالة سموّ نفسي، ومنها ما كان في حالِ بُعْدٍ شيئًا ما عن ذلك. لقد تجمعتْ هذه الأوراق عن الأخلاق عَبْر هذه الأحوال كلها!!
ولعلها بهذا تكون أقرب إلى واقع الإنسان حينما يجاهد نفسه في مختلف الأحوال تلك ليكون على الخُلُق الحميد. والأخلاقُ تشمل كل ظروف الإنسان وكل وقته، ولا عجب فلكل حالٍ يمر بها المرء خلقٌ فاضل ينبغي له أن يلتزمه، وما من حَدَثٍ يتجدد له في يومه أو ليله إلا وله خلق فاضل مناسب، فمن يَلْتزِمُ لكل ظرفٍ ووقتٍ ما يجب عليه فيه من خلق كريم يكن هو صاحب الأخلاق الفاضلة.
1 / 17
ثالثًا: الناس والأخلاق:
إن مما استقرّ في فطرة الإنسان:
؟- الرغبة في أن يكون هو أحسن الناس وأفضل الناس.
؟- الرغبة في أن يكون محبوبًا عند الناس مقبولًا عندهم.
؟- الرغبة في أن يظهر للناس بمظهر حسن.
؟- الرغبة في أن يكون سعيدًا.
إن هذه دوافع نفسية قد استقرت في نفس كل إنسان سويّ -بغضّ النظر عن دينه ولغته وبلده ولونه-.
لكن الناس قد يسلكون مسالك مختلفة وطرقًا متعددة للوصول إلى هذه الغايات، فمنهم من يُوفَّق للطريق الصحيحة الموصلة إلى تلك الغاية أو الغايات، ومنهم من يتنكّب الطريق!! -وهو يلتمس الطريق الصحيح!! - وإن من حق هذا أن يُدَل على الوجهة الصحيحة أو إلى الطريق الموصلة إلى الوجهة الصحيحة!!.
إن عددًا كبيرًا من الناس يُخْطئون أو يَضِلِّون من حيث لا يريدون!! وما أحوج هذا الصنف من الناس إلى من يَهْديهم سواء السبيل!!.
وإن كثيرًا من الناس ظنوا أنهم إنما يحققون تلك الفطرة المستقرة في النفوس -فيكونون سعداء ويكونون أحسن الناس ويكونون مقبولين عند الآخرين- بالسعي وراء المال والدنيا!.
ومنهم من ظن أنه يدرك ذلك بالجاه والمنصب!
ومنهم من ظن أنه يدركه بمُتَعِ الحياة وشهواتها!
ومنهم من ظن أنه يدركه بأن يكون رئيسًا أو آمرًا ناهيًا!
ومنهم من ظن أنه يحقق ذلك المطلب بجمالِ ظاهرِه ورونق ملابسه!.. إلى آخر هذه التصورات!.
1 / 18
رابعًا: الطريق الصحيح:
تلك نظرات الناس وتلك طرائقهم!
ولكن هيهات!
إنه لا يشفع لمن أخطأ طريقَ الوصول إلى غايةٍ صحيحة، أو إلى هدفٍ نبيل، إرادته تلك الغاية وذلك الهدف!! إنه ليس يَصِلُ إذَنْ إلا إذا حدَّد شيئين لا بدّ منهما:
- الغاية الصحيحة.
- الطريق الصحيحة الموصلة إلى تلك الغاية.
- ثم لا بد من بذل الجهد والسعي إلى تلك الغاية عَبْر تلك الطريق.
وإذا طبقنا هذا المنهج هنا وجدنا تلك الغاية أو الغايات صحيحة محمودة؛ لأنه جميلٌ بأن يتطلع الإنسان إلى أن يكون أحسن الناس، ومقبولًا عند الناس، ويظهر للآخرين بالمظهر المناسب، ويلتمس أن يكون سعيدًا.
لكن تلك الطرق -المذكورة آنفًا- التي ظنها بعض الناس هي جادةُ بلوغ الهدف، ما هي إلا ظنون!.
إذَنْ ما الطريق؟!.
إنها طريق واحدة، هي: الخلق الفاضل المنبثق عن الإيمان بالله ﷿. إنها سبيل: مكارم الأخلاق، والعمل لله والدار الآخرة!! ﴿مَن عَمِل صَالِحًا مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤمِن فَلَنُحْيِيَنَّه حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ ١.
_________
١ ٩٧: النحل: ١٦.
1 / 19
﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ ١. ﴿وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُم ...﴾ ٢. ﴿وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُم تُفْلِحُون﴾ ٣.
نعم، إن الطريق هو هذا الخير الذي تأمر به نصوص الوحي الإلهي، وهذا الخير المفتوح هو طريق الأخلاق الحميدة، فأفعال الخير تنم عن مكارم الأخلاق، ومكارم الأخلاق يصدر عنها الخير بكل أشكاله وألوانه ومجالاته!!.
ولما كانت الأخلاق بهذه المكانة وهذه الخطورة في حياة الإنسان، إذ بسببها يكون مصيره إلى الجنة، أو يكون مصيره إلى النار، عُنِيتُ بهذا الموضوع، وكان على العاقل أن يُعنى به عناية فائقة، وَيُولِيه أهميةً خاصة.
_________
١ ٨٣: البقرة: ٢.
٢ ٥٣: الإسراء: ١٧.
٣ ٧٧: الحج: ٢٢.
خامسًا: حقائق توصلتُ إليها خلال الرحلة: ولقد توصلت خلال هذه الرحلة مع هذا الموضوع إلى عددٍ من الحقائق، لعل من المناسب أن أذْكرها فيما يلي: ١- أن مجاهدة النفس أمرٌ لا بدّ منه كي يتحلى الإنسان بالأخلاق الفاضلة، أما من يرغب في أن تأتيه الأخلاق الحميدة كاملة صافية في صورةِ هدية، وهو بعيد عن المجاهدة والمعاناة، والتطلع إليها، والسعي في سبيلها، والتضحية من أجلها، فلن يصل إليها!؛ فلولا المشقة لساد الناس كلهمو. ٢- أن لمراقبة النفس في عاداتها وسجاياها، وما يأتي الإنسانُ وما يَذَرُ، أهميةً
خامسًا: حقائق توصلتُ إليها خلال الرحلة: ولقد توصلت خلال هذه الرحلة مع هذا الموضوع إلى عددٍ من الحقائق، لعل من المناسب أن أذْكرها فيما يلي: ١- أن مجاهدة النفس أمرٌ لا بدّ منه كي يتحلى الإنسان بالأخلاق الفاضلة، أما من يرغب في أن تأتيه الأخلاق الحميدة كاملة صافية في صورةِ هدية، وهو بعيد عن المجاهدة والمعاناة، والتطلع إليها، والسعي في سبيلها، والتضحية من أجلها، فلن يصل إليها!؛ فلولا المشقة لساد الناس كلهمو. ٢- أن لمراقبة النفس في عاداتها وسجاياها، وما يأتي الإنسانُ وما يَذَرُ، أهميةً
1 / 20
بالغة لاكتساب الأخلاق الفاضلة، لأن ترْك النفس على سجيتها يَذْهب بها بعيدًا عن مكارم الأخلاق، بل هذا هو الطريق إلى رذائل الأخلاق.
٣- قد تبين لي أنه لو تعلّم الإنسان كيف يحصي أخطاءه، ويعترف بها في قرارة نفسه، ثم يعمل على إصلاحها أو تلافيها لكان هذا سببًا للتحلي بالأخلاق الحميدة، وضدُّ هذا وسيلة إلى ضده.
٤- تبين لي أن من أهم أسباب ضياع الأخلاق الفاضلة:
- الفراغ. - الخِلْطة والصحبة السيئة. - البيئة المجانبة للأخلاق الفاضلة.
- الجهل.
فمن يُعَرِّض نفسه لواحد من هذه الأسباب فلا يلومنَّ إلا نفسه.
٥- تبين لي أهمية العناية بأنواع من الأخلاق النفسية، وذلك لما لتلك الأخلاق النفسية من آثار في جملة تصرفات الإنسان وسلوكه، ومن تلك الأخلاق:
- الأمانة. - الصدق - العفة. - المروءة. - الجدّية.
- العناية بالنظر إلى عواقب الأمور، في حدوده الشرعية، ومن ذلك تقدير المسؤولية في هذه الحياة، وتقدير عواقب الكلمة والخطوة والرأي والعقيدة.
- الحلم. - الصبر. - الاعتراف بالجميل لأهله.
- تقدير ما عند الآخرين من الخير والفضل والعلم والخبرة.
وأستطيع أن أقول إن هذه أسس نفسية لا بد منها لاكتساب الأخلاق الفاضلة، فعلى من أراد التطلع إلى التحلي بالأخلاق الحميدة أن يعنى باكتساب هذه الصفات وتربية نفسه عليها ومحاسبتها عليها.
1 / 21
٦- تبين لي أن المحبة والاحترام المتبادَلَين شرط من شروط الإفادة من تربية المربِّي، ومتى فُقد هذا الشرط فلا تربية ولا مربِّي!.
٧- تبين لي أنه لا فائدة من وجود مربٍ حكيم في مجتمع أو أناس لا يقدِّرون له صفاته! أو لا ينظرون إليه على أنه كذلك! وكم من عالم ربانيّ عاش بين أُناس لم يستفيدوا منه سوى إقامة حجة الله عليهم!! وكم من عالم ربانيّ عاش بين أناس تخرجوا على يديه زرافاتٍ ووحدانًا علماء ربانيين!! بل كم من أناس رحلوا إلى من بَعُدَ عنهم من العلماء الربانيين والهداة الهادين فاستفادوا منهم واقتبسوا من هديهم على البعد، في الوقت الذي حُرِمَ منه بعض مَنْ يعيش بين ظهرانيهم!!.
٨- لقد عَلِمتُ جملةً وتفصيلًا، بيقين، أن هذا الدين هو دين الخلق الفاضل. ودستورُ الأخلاق الحق هو كتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ، ومن قرأ القرآن بتدبر عرف أن هذا الكتاب هو كتاب الخلق الحميد والفضائل، ومن قرأ حديث رسول الله ﷺ عرف أن من أراد الخلق الجميل والشيم الكريمة، فعليه أن يتجه إلى دراسة حديثه وسيرته ﷺ!.؟
إلى آخر ما هَدَتْ إليه تجربةٌ، وخطأٌ في التصرف أو صواب، أو تَدبُّرٌ لنصّ من نصوص الوحي الإلهيّ، مما لا يتسع لذكْره هذا المقام، مما سيأتي كثيرٌ منه في الصفحات القادمة إن شاء الله تعالى.
والله يزكي من يشاء.
1 / 22