لا يُنكِحوا المسلمات المشركين. ولو فرض أنَّه يجوز لها إنكاح نفسها لما كانت الآية دالَّة على تحريم ذلك عليهنّ؛ لأنَّ القائل بأنَّها تنكح نفسها يقول بأنَّه ينكحها وليُّها أيضًا، فيلزم أنَّ الآية لم تف بالدَّلالة على تحريم إنكاح المشركين للمسلمات؛ لأنَّها إنما دلَّت على نهي الأولياء عن إنكاح المشركين لا على نهي المسلمات أن ينكحن أنفسهن منهم.
وقد علم تحريم نكاح المشركين المسلمات، فالأمر للأولياء دالٌّ على أنَّه ليس للمرأة ولاية في النِّكاح. اهـ١.
مناقشة وجهة الاستدلال بهذه الآية:
وقد أطال ابن رشد -في بداية المجتهد- الكلام على هذه الآية مانعًا صحَّة الاستدلال بها على اشتراط الولاية في النِّكاح فقال: "قوله تعالى: ﴿وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا﴾ هو أن يكون خطابًا لأولي الأمر من المسلمين أو لجميع المسلمين أحرى منه أن يكون خطابًا للأولياء، وبالجملة فهو متردِّد بين أن يكون خطابًا للأولياء أو لأولي الأمر، فمن احتجَّ بهذه الآية فعليه البيان أنَّه أظهر في خطاب الأولياء منه في أولي الأمر، فإن قيل: إنَّ هذا عامٌّ، والعامُّ يشمل ذوي الأمر والأولياء قيل: إنَّ هذا الخطاب إنَّما هو خطاب بالمنع، والمنع بالشرع، فيستوي فيه الأولياء وغيرهم، وكون الولي مأمورًا بالمنع بالشرع لا يوجب له ولاية خاصَّة في الإذن، أصله الأجنبي. ولو قلنا إنَّه خطاب للأولياء يوجب اشتراط إذنهم في صحَّة