Al-Wajiz fi Fiqh al-Imam al-Shafi'i
الوجيز في فقه الإمام الشافعي
ویرایشگر
علي معوض وعادل عبد الموجود
ناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
۱۴۱۸ ه.ق
محل انتشار
بيروت
ژانرها
(١٠) السلخ وهو وهو حمله على ترك عقيدة الدين.
وجديرٌ بالذكْرِ أنَّ فرقة الباطنيَّة قد لَعِبَتْ أدواراً خطيرةً في التّاريخ السياسيِّ، والتاريخ الروحيِّ للإسلام؛ منْذُ القرنِ الثالثِ الهجرِّي، ولا يزالُ لهم أنصارٌ حتى اليوم؛ في الهنْدِ، وبَاكِسْتَانَ، وأفْرِيقًا الشَّرقيَّة، والدُّرُوزِ في سُوريا، ولُبْنَان، والمذاهبِ المَسْتُورة المنشقّة عن الإسْلام.
دِرَاسَةُ الغَزَّالِيِّ لِتَعَالِمِ البَاطِنِيَّةِ:
أوضَحَ الغَزَّلِيُّ في كتابه ((المُنْقِذِ مِنَ الضَّلَالِ)) سَبَبَ اطِّلاعه علَى مؤلّفاتهم، ودِرَاسَتِهَا، وتناؤُلِهَا بالفَحصِ والتَمْحِيصِ؛ حيثُ يقُولُ:
((وكَانَ قَدْ نَبَغَتْ نابغةُ التعليمِيَّة، وشاعَ بَيْنَ الخَلْقِ تحدُّثُهُم بمعرفةِ معْنى الأمُورِ من جِهَةِ الإمامِ المعصُومِ القائِمُ بالحَقِّ، فَعَنَّ لي أن أبحثَ عَنْ مقالاتِهِمْ؛ لأطَّلِعَ على ما في كُتُبهم، ثم أَنَّفَقَ أنْ وَرَدَ عَلَيّ أمرٌَ جازِمٌ من حضرة الخلافَةِ بتَصْنِيفِ كتابٍ يكشفُ عن حقيقةِ مَذْهَبِهِمْ، فلم يَسَعْنِي مدافعتُهُ، وصار ذلك مستحثّاً مِنْ خَارِجِ؛ ضَمِيمَةً للباعثِ الأصليِّ من الباطنِ، فابتدأَتُ بطلب كُتُبِهِمْ، وجَمْعِ مقالاتِهِم، وكانَ قد بلغني بعْضُ كلماتِهِمُ المسْتَحْدَثَةِ التي ولَّدَتْها خواطرُ أهْل العصْرِ، لا على المنهاجِ المعوّد من سَلَفِهِمْ، فَجَمَعْتُ تلك الكَلِمَاتِ، ورثَّبتها ترتيباً مُحْكَماً مقارناً للتحْقِيقِ، وأستوفَيْتُ الجوابَ عنها)).
ويقولُ بَعْدَ ذلك - رحمه الله - ((والمقصودُ أَنِّي قَرْرتُ شُبْهَتَهُمْ إلَى أَقْصَى الإِمْكَانِ، ثم أظهرت فسادَهَا بغايَة البُرْهَان)).
ويقولُ بعد ذلك بسُطُور: ((وقد اقْتَنَعْتُ أخيراً بأنَّه ((حاصِلَ عند هؤلاء، ولا طائلَ لكلامِهِمْ، ولولا سوءُ نُصْرَةِ الصديقِ الجَاهِلِ، لما انتهَتْ تلك البدعةُ مع ضعْفها إلَى هذه الدرجَةِ فإنَّ هؤلاءِ ليْسَ معهم شيْءٌ من الشِّفَاءِ المنْجي من ظلمات الآرَاءِ، بَلْ مع عجزِهِمْ عن إقامة البُزْهَان على تعْيِينِ الإمامِ طَالَمَا جَارَيْنَاهم، فصدَّقْناهم في الحاجَةِ إلى التعلِيمِ، وإلى المعلِّم المعصوم، وأنَّه الَّذِي عَيَّنوه، ثمَ سَألْنَاهُمْ عن العلْمِ الذي تعلَّموه من هذا المعصُوم، وعرَضْنَا عليهم إشكالاتٍ، فلم يفْهَمُوها؛ فضْلاً عن القيامِ بحَلِّها، فَلَمَّا عَجَزوا، أحالوا على الإمامِ الغائبِ، وقالوا: إنه لا بد من السفر إليْه، والعَجَبُ أنهم ضيَّعَوا عُمُرَهُمْ في طلب العلمِ، وفي التبجُحَ بالظَّفَر به، ولم يتعلَّموا منْهُ شيئاً أصلاً؛ كالمتضمِّخ بالنَّجَاسةِ يَتْعَبُ فِي طَلَب المَاءِ؛ حَتَّى إذا وجده، لم يَسْتَعْمِلْهُ، وبقي مِتضمِّخاً بالخبائِث. ومنْهُمْ من أَذَّعَى شيئاً مِنْ علمهم، فكان حاصلُ ما ذكره شيئاً مِنْ ركيك فَلْسَفَةِ فيثَاغُوزثَ، وهو رجلٌ من قدماءِ الأوائِلِ، ومذهبُهُ أَرَكُ مذاهبِ الفَلْسَفة، وقد رَدَّ عليه أرسْطَا طَالِيسُ، بَلِ أُسْتَرَكَ كلامَهُ وأسترذَلَهُ، وهو المحكيُّ في كتاب (إخْوَانِ الصَّفَا)، وهو على التحقيق حَشْوُ الفلسفةِ، فالعَجَبُ ممَّن يَتْعَبُ طوالَ العُمُر في طَلَب الْعِلْمِ، ثم يقنَعُ بمثْلٍ ذلك العِلْمِ الركيكِ المُسْتَغَثِّ، ويظِنُّ بأنه ظَفِرَ بأَقْصَىُ مقاصِدِ العلومِ، فهؤلاءِ أيضاً جرَّبناهم، وَسَبَرْنا ظاهِرَهُمَ وباطِنَهُمْ، فرجَعَ حاصِلُهم إلى استدراجِ العَوَامِّ وضعفاءِ العُقُول، ببيان الحاجةِ إلى الْعِلْمِ، ومجادَلَتِهِمْ في إنكارِهِمُ الحاجَةَ إلى التعليم؛ بكلام قويٌّ مُفْحِمٍ)).
60