Al-Tuhfa Al-Mahdiyya Sharh Al-Aqidah Al-Tadmuriyya
التحفة المهدية شرح العقيدة التدمرية
ناشر
مطابع الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
شماره نسخه
الثالثة
سال انتشار
١٤١٣هـ
ژانرها
يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأتِ آبَاءَهُمُ الْأولِينَ﴾ وقال في آية ص: ﴿كِتابٌ أنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياته﴾ وقال في سورة القتال: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القرآن أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ .
فإذا كان حض الكفار والمنافقين على تدبره علم أن معانيه مما يمكن الكفار والمنافقين فهمها ومعرفتها. فكيف لا يكون ذلك ممكنًا للمؤمنين؟ وهذا يبين أن معانيه كانت بينة لهم. فقد بين سبحانه أنه أنزله عربيا ليعقل، والعقل لا يكون إلا مع العلم بمعانيه كما قال تعالى ﴿أنا أنزَلْنَاهُ قُرْأنًا عَرَبِيا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ وقد ذم الله من لا يفهمه كما قال جل وعلا ﴿فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾ وذم من لم يكن حظه من السماع إلا سماع الصوت دون فهم المعنى وإتباعه فقال تعالى: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾ وقال تعالى: ﴿أَمْ تَحْسَبُ أن أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أو يَعْقِلُونَ أن هُمْ إِلَّا كَالْأنعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾ فلو كان المؤمنون لا يفقهون أيضًا لكانوا مشاركين للكفار والمنافقين فيما ذمهم الله تعالى به. فالسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والتابعون لهم بإحسان يعلمون معاني القرآن. إذا تبين فقد وجب على كل مسلم التصديق بما أخبر به عن الله تعالى من أسمائه وصفاته مما جاء في القرآن وفي السنة الثابتة عن رسول الله ﷺ. كما كان عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه فإن هؤلاء هم الذين تلقوا عن رسول الله ﷺ القرآن والسنة وكانوا يتلقون عنه ما في ذلك من العلم والعمل كما قال أبو عبد الرحمن السلمي: "لقد حدثنا الذين كانوا يقرؤوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي ﷺ عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل جميعًا" وقد قام عبد الله بن عمر وهو من أصاغر الصحابة في تعلم البقرة ثمان سنين وإنما ذلك لأجل الفهم والمعرفة، وكان ابن مسعود يقول: لو
1 / 184