والثاني: ما قاله القُتَبي (^١): أنَّهم لم يَرَوا (^٢) أنْ يَفتتحوا كتابَ اللَّهِ إلَّا بحرفٍ مفخَّم معظَّم (^٣).
والثالث: أنَّهم لمَّا (^٤) أَسقطوا الألفَ مِن الاسمِ، فردُّوا طولَ الألفِ على الباءِ، ليكون دلالةً على سقوطِ الألفِ منه؛ وإنَّما أَسقطوها هاهنا؛ لكثرة دَورها على الألسنة، وفي الكتابة طلبًا للخفَّة، وفي قوله: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ [العلق: ١] وقوله: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ [الواقعة: ٧٤]، لم يوجد هذا، فلم يحذف الألف ولم تطوَّل الباء.
ثم إنَّما كُسرت الباءُ مع أنَّها حرفٌ واحد، والحروف المفردةُ مفتوحةٌ -كالتاء والفاءِ والكاف واللام والواو- لثلاثةِ أوجُهٍ:
= مدادها؛ أي: استمرَّ على تعميرِها في وقتٍ قليلًا قليلًا، ومنه قولُ على بن هلالٍ المعروفِ بابنِ البوَّابِ في قصيدته في صناعة الكتاب:
وألِقْ دواتَكَ بالمِدادِ مُعمِّرًا... بالخلِّ أو بالحِصْرِمِ المعصودِ
(وحرّف القلم) بتشديد الراء المكسورة: أمرٌ من التحريف؛ أي: اجعل طرف شقه الأيمن أزيَدَ من الطرف الآخر قليلًا لأنه أسرع في الكتابة وأبدع في اللطافة.
(وفرّق السّين)؛ أي: أسنانها (ولا تعوِّر الميم)؛ أي: لا تطمسها بل بيِّنْ وسطها، وهو بتشديد الواو بعد العين المهملة. انظر: "شرح الشفا" للملا علي القاري (١/ ٧٢٧)، وفيه: (وأقم الباء)؛ أي: طولها.
(^١) في (ر): "القتيبي".
(^٢) في (ف) و(أ): "يريدوا".
(^٣) أورده الثعلبي في "تفسيره" (١/ ٩٢)، وعزاه للقيسي.
(^٤) "لما" من (ف).