206

الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين

الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

محل انتشار

بيروت - لبنان

ژانرها

دراستنا، بل هذه من باب مختلف الحديث.
قال الحافظ ابن حجر: " الاستدلال بأن الحكم للواصل دائمًا على العموم من صنيع البخاري في هذا الحديث الخاص ليس بمستقيم لأن البخاري لم يحكم فيه بالاتصال من أجل كون الوصل زيادة، وإنما حكم له بالاتصال لمعان أخرى رجحت عنده حكم الموصول، منها: أن يونس بن أبي إسحاق وابنيه إسرائيل وعيسى رووه عن أبي إسحاق موصولًا، ولا شك أن آل الرجل أخص من غيرهم.
ووافقهم على ذلك أبو عوانة وشريك النخعي وزهير بن معاوية وتمام العشرة من أصحاب أبي إسحاق، مع اختلاف مجالسهم في الأخذ عنه وسماعهم إياه من لفظه.
وأما رواية من أرسله وهما شعبة وسفيان، فإنما أخذاه عن أبي إسحاق في مجلس واحد ... . فشعبة وسفيان إنما أخذاه معًا في مجلس عرضًا-كما ترى- ولا يخفى رجحان ما أخذ من لفظ المحدث في مجالس متعددة على ما أخذ عنه عرضًا في محل واحد.
هذا إذا قلنا: حفظ سفيان وشعبة في مقابل عدد الآخرين مع أن الشافعي ﵁ يقول: " العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد ".
فتبين أن ترجيح البخاري لوصل هذا الحديث على إرساله لم يكن لمجرد أن الواصل معه زيادة ليست مع المرسل بل بما يظهر من قرائن الترجيح ويزيد ذلك ظهورًا تقديمه الإرسال في مواضع أخر ". (١)
والذي يبدو لي والله أعلم أن هذا المثال لا يصح للتمثيل به في قضية زيادة الثقة لأن الذين وصلوه أكثر عددًا، وأن شعبة وسفيان لم يخطئا به وكذا من وصله فكلهم سمعوه من أبي إسحاق، فقد يكون أبو إسحاق رواه مرة مرسلًا ومرة مرفوعًا أو يكون سمعه هكذا من أبي بردة فانه متكلم في سماع أبي بردة من أبيه؟
والذي يهمنا هنا أن هذا حتى ولو ثبتت نسبته إلى البخاري فانه لا يعني في كل تعارض بين الأحاديث ناهيك عن صنيعه في تاريخه ومصنفاته الأخرى من إعلال الموصول بالمرسل (٢).
قال إبن رجب:" وهذه الحكاية إن صحت فإنما مراده الزيادة في هذا الحديث.

(١) النكت على ابن الصلاح ٢/ ٦٠٦ - ٦٠٧، وانظر تدريب الراوي، السيوطي ١٨٤ - ١٨٥.
(٢) انظر النكت على ابن الصلاح٢/ ٦٠٧.

1 / 212