187

الصحيح المأثور في عالم البرزخ والقبور

الصحيح المأثور في عالم البرزخ والقبور

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

ژانرها

والديه بَعْدَ مَمَاتِهِما، كَانَ ابْن عُمَر ﵄ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، كَانَ لَهُ حِمَارٌ يَتَرَوَّحُ عَلَيْهِ، إِذَا مَلَّ رُكُوبَ الرَّاحِلَةِ وَعِمَامَةٌ يَشُدُّ بِهَا رَأْسَهُ، فَبَيْنَا هُوَ يَوْمًا عَلَى ذَلِكَ الْحِمَارِ، إِذْ مَرَّ بِهِ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: أَلَسْتَ ابْنَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، قَالَ: بَلَى، فَأَعْطَاهُ الْحِمَارَ، وَقَالَ: ارْكَبْ هَذَا وَالْعِمَامَةَ، قَالَ: اشْدُدْ بِهَا رَأْسَكَ، فَقَالَ لَهُ: بَعْضُ أَصْحَابِهِ غَفَرَ اللهُ لَكَ أَعْطَيْتَ هَذَا الْأَعْرَابِيَّ حِمَارًا كُنْتَ تَرَوَّحُ عَلَيْهِ، وَعِمَامَةً كُنْتَ تَشُدُّ بِهَا رَأْسَكَ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ يَقُولُ: "إِنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ" (١) وَإِنَّ أَبَاهُ كَانَ صَدِيقًا لِعُمَرَ.
ما يفقده الإنسان بفقد والديه؟ !
اعلم أنّ الإنسان يفقد بفقد والديه دعاء مستجابًا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: "ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ يُسْتَجَابُ لَهُنَّ، لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ المَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ" (٢).
ويفقد بابًا من أبواب الجنَّة، عن أبي الدَّرْدَاءِ ﵁، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ، يَقُولُ: "الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَاحْفَظْ ذَلِكَ الْبَابَ أَوْ دَعْهُ" (٣). فمراعاة جانب الوالد وحفظ حقوقه سبب من أسباب دخول الجنَّة، فإذا مات الوالد يغلق هذا الباب دونك. وإذا كان المُرَادُ بِالْوَالِدِ الْجِنْس، فكيف بالوالدة، فهي بالاعتبار أولى، وبالمكانة أعلى، لكثرة الحثِّ على برِّها.

(١) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٤/ص ١٩٧٩) كتاب الْبِرِّ.
(٢) ابن ماجة "سنن ابن ماجة" (ج ٥/ص ٣٠/رقم ٣٨٦٢) حسن لغيره.
(٣) أحمد "المسند" (ج ٤٥/ص ٥٣٥/رقم ٢٧٥٥٢) إسناده حسن.

1 / 188