Al-Sahib and Caliph Abu Bakr Al-Siddiq
الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق
ژانرها
بعض آراء العلماء في أحقية الصديق بالخلافة
ومن ألطف التعليقات على قضية إمامة أبي بكر الصديق ﵁ وأرضاه المسلمين بالصلاة في أثناء مرض رسول الله ﷺ ما رواه ابن عدي ﵀ عن أبي بكر بن عياش ﵀ -وأبو بكر بن عياش من العلماء في زمان الخليفة العباسي هارون الرشيد ﵀ قال: قال لي الرشيد: يا أبا بكر بن عياش! كيف استخلف الناس أبا بكر الصديق؟ يعني: يظهر أنه كانت هناك بعض الأمور الغامضة في ذهن الرشيد، فيريد أن يتأكد، فقال: أبو بكر بن عياش ﵀: يا أمير المؤمنين! سكت الله وسكت رسوله وسكت المؤمنون، فقال الرشيد: والله! ما زدتني إلا غمًا يعني: أنا لم أكن فاهمًا ولكنني بعد سؤالك لم أفهم أكثر، فقال أبو بكر بن عياش: يا أمير المؤمنين: (مرض النبي ﷺ ثمانية أيام فدخل عليه بلال فقال: يا رسول الله! من يصلي بالناس؟ قال: مر أبا بكر يصلي بالناس، فصلى أبو بكر بالناس ثمانية أيام والوحي ينزل، فسكت رسول الله ﷺ لسكوت الله ﷿ أي: لو أن الله ﷿ يريد غير أبي بكر لأخبر رسوله عن طريق الوحي، ولكن اختيار رسول الله ﷺ لـ أبي بكر كان اختيارًا يرضي الله ﷿، وسكت المؤمنون بعد ذلك لسكوت رسول الله ﷺ، فأعجب ذلك الرشيد ﵀ وقال: بارك الله فيك.
وأيضًا من التعليقات اللطيفة ما علق به أبو الحسن الأشعري ﵀ على مسألة تقديم رسول الله ﷺ لـ أبي بكر الصديق في الصلاة حيث قال: وتقديمه له -أي: تقديم الرسول ﵊ لـ أبي بكر - أمر معلوم بالضرورة من دين الإسلام، لماذا الأشعري يقول هذا الكلام؟ لأن الصحابة جميعًا علموا هذا الأمر وقبلوا أبا بكر إمامًا لهم، وتواتر ذلك عنهم، ثم قال الأشعري ﵀: وتقديمه له دليل على أنه أعلم الصحابة وأقرؤهم؛ لما ثبت في الحديث المتفق على صحته بين العلماء: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلمًا) أي: إسلامًا.
هذا لفظ الإمام مسلم عن أبي مسعود الأنصاري ﵁ وأرضاه، وفي رواية أخرى: (أكبرهم سنًا) بدلًا من (أقدمهم سلمًا).
ويعلق ابن كثير ﵀ على كلام الأشعري ﵀ فيقول: مما ينبغي أن يكتب بماء الذهب، فانظروا كلام العلماء على غيرهم من العلماء، يقول: هذا الكلام من الأشعري ﵀ مما ينبغي أن يكتب بماء الذهب، ثم قد اجتمعت هذه الصفات كلها في الصديق ﵁ وأرضاه.
يعني: اجتمعت فيه قراءة القرآن والعلم بالسنة والقدم في الهجرة والقدم في الإسلام والسن الكبير بين المرشحين للخلافة، فرضي الله عن الصديق ورضي الله عن صحابة رسول الله ﷺ أجمعين.
وتعالوا بنا نرى أيضًا بعض التعليقات اللطيفة من الصحابة والعلماء على استخلاف الصديق ﵁ وأرضاه، تعالوا بنا نرى رأي عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن مسعود قال عنه رسول الله ﷺ كما رواه الترمذي وحسنه وكذلك رواه الإمام أحمد بن حنبل وصححه الألباني عن حذيفة ﵁ قال: (كنا جلوسًا عند النبي ﷺ فقال: إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي، وأشار إلى أبي بكر وعمر)، وهذه إشارة واضحة إلى الاستخلاف أيضًا.
ثم قال: (واهتدوا بهدي عمار، وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه).
قال ابن مسعود فيما رواه الحاكم وصححه: ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن.
يقصد اجتماع المسلمين الصالحين على أمر، فإذا اجتمعوا على أمر ورأوه حسنًا فهو عند الله حسن، ويقول سيدنا عبد الله بن مسعود: وما رآه المسلمون سيئًا فهو عند الله سيئ.
ثم يقول عبد الله بن مسعود: وقد رأى الصحابة جميعًا أن يستخلفوا أبا بكر.
يعني: أن استخلاف أبي بكر الصديق ليس فقط حسنًا عند المسلمين بل هو حسن عند الله ﷿ كذلك.
وأخرج البيهقي عن الشافعي ﵀ أ
10 / 3