فَعَدَل إلی معنی آخر فقد اعتدی ... " .
غير أن الإمام ابن حزم مع هذا كلِّه قد وضع مسوغات يصح معها العدول عن ظواهر النصوص إلى معاني أخرى - كما هو مُلاحظ من النصوص السابقة - وهذه المسوغات هي :
ثانياً: إبطال القول في الدِّين بالرأي :
فالإمام ابن حزم يرى أنه لا يصح الاجتهاد في استخراج الأحكام الفقهية واستنباطها بالرأي، ومن قال برأيه فهو مفترٍ على الله تعالى، وقد كذب عليه .
وقد صرّح ببطلان العمل بالرأي، وفساد الاعتداد به في ثبوت الأحكام . فقال : " ولا يحلّ لأحد الحكم بالرأي " ؛ وذلك لأن ابن حزم يوجب في الدليل أن يكون قطعياً يقينياً، ولا يأخذ بالظن الراجح؛ إذ هو عنده داخل في الظن الذي ورد ذمه في القرآن . وفي هذا يقول: " ولا يحل الحكم بالظن أصلاً، لقول الله تعالى: ﴿إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ " .
وإذا كان الإمام ابن حزم يرفض الرأي، فهو يرفضه بجميع أنواعه، ومختلف صوره، ومن ذلك :
(١) الإحكام في أصول الأحكام ٣١٠/١ .
(٢) النبذ في أصول الفقه الظاهري، ص ٩٣ .
(٣) سورة النجم من الآية (٢٨).
(٤) المحلى ١/ ١٢٩، وينظر: الإمام ابن حزم ومنهجه التجديدي في أصول الفقه، عبدالسلام محمد، ص٨٦.