177

النهاية في شرح الهداية

النهاية في شرح الهداية

ناشر

رسائل ماجستير، مركز الدراسات الإسلامية بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى

سال انتشار

1435-1438

محل انتشار

مكة المكرمة

ژانرها

فقه حنفی
فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ تَعَدَّى وَظَلَمَ». وَالْوَعِيدُ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ سُنَّةٌ. -قوله: (فمن زاد على هذا أو نقص) ذكر في «المبسوط» (^١) «أي: زاد على أعضاء الوضوء أو نقص عنها أو زاد على الحد المحدود أو نقص عنه، أو زاد على الثلاث (^٢) معتقدًا أن كمال السنة لا يحصل بالثلاث، فأما إذا زاد لطمأنينة القلب عند الشك، أو بنية وضوء/ ٣/ أ/ آخر فلا بأس به، فإن الوضوء على الوضوء نورٌ على نور، وقد أُمِر بترك ما يريبه إلى ما لا يريبه». ثم لفظ تعدى يرجع إلى الزيادة لأنه مجاوزة عن الحد؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [الطلاق: ١]، ولفظ ظلم يرجع إلى النقصان؛ قال الله تعالى: ﴿وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا﴾ [الكهف: ٣٣] أي: لم تنقص. قَالَ (وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ أَنْ يَنْوِيَ الطَّهَارَةَ) فَالنِّيَّةُ فِي الْوُضُوءِ سُنَّةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَرْضٌ؛ لأنَّهُ عِبَادَةٌ فَلا تَصِحُّ بِدُونِ النِّيَّةِ كَالتَّيَمُّمِ. وَلَنَا أَنَّهُ لا يَقَعُ قُرْبَةً إلا بِالنِّيَّةِ، وَلَكِنَّهُ يَقَعُ مِفْتَاحًا لِلصَّلاةِ لِوُقُوعِهِ طَهَارَةً بِاسْتِعْمَالِ الْمُطَهِّرِ، بِخِلافِ التَّيَمُّمِ لأنَّ التُّرَابَ غَيْرُ مُطَهِّرٍ إلا فِي حَالِ إرَادَةِ الصَّلاةِ، أَوْ هُوَ يُنْبِئُ عَنْ الْقَصْدِ (وَيَسْتَوْعِبُ رَأْسَهُ بِالْمَسْحِ) وَهُوَ سُنَّةٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: السُّنَّةُ التَّثْلِيثُ بِمِيَاهٍ مُخْتَلِفَةٍ اعْتِبَارًا بِالْمَغْسُولِ. وَلَنَا أَنَّ أَنَسًا ﵁ تَوَضَّأَ ثَلاثًا ثَلاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَاحِدَةً وَقَالَ: هَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وتفسير النية في الوضوء (أن ينوي) (^٣) إزالة الحدث أو إقامة الصلاة. -قوله: (لأنه عبادة) لأن العبادة اسم لنوع فعل ابتلي الآدمي بفعله تعظيمًا لله تعالى، مختارًا لطاعته على خلاف هوى نفسه، كذا قاله الشيخ-﵀، وهذا موجود في الوضوء فكان عبادة، والنية شرط صحة العبادة لقوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ [البينة: ٥]، جعل الإخلاص وهو النية حالًا للعابدين، والأحوال شروط.

(^١) انظر: المبسوط للسرخسي (١/ ٩) باب كيفية الوضوء. (^٢) في نسخة (أ): «الثلث» والتصويب من (ب) وكتاب المبسوط للسرخسي. (^٣) في (ب): «وهو أن ينوي».

1 / 46