المعتمد من قديم قول الشافعي على الجديد
المعتمد من قديم قول الشافعي على الجديد
ناشر
دار عالم الكتب
سال انتشار
۱۴۱۷ ه.ق
محل انتشار
الرياض
ژانرها
المبحث الأول: رجوع الإمام عن أغلب آرائه في القديم وسبب ذلك :
سبقت الإشارة إلى أن الإمام الشافعي قدم مصر سنة ١٩٩هـ، وقد قيل له: إن بمصر فرقة مالت إلى مذهب أبي حنيفة، وأخرى إلى مذهب مالك، وكل واحدة تناضل عن مذهبها، فقال: إني لأرجو أن أقدم مصر إن شاء الله فآتيهم بشيء أشغلهم به عن القولين جميعاً، قالوا: ففعل ذلك والله حين دخل مصر(١).
كان العلم وحلقاته موجودة في جامع عمرو بن العاص رضي الله عنه في مصر، فقد كان ملتقى العلماء والفحول من الصحابة الأكرمين سلفاً كأبي ذر والزبير بن العوام وسعد إبن أبي وقاص وعبد الله إبن عمر رضي الله عنهم أجمعين، ثم خلفهم أجيال من جهابذة الفقهاء والمحدثين والأدباء واللغويين ولم ينس الإمام أن يزور قبر فقيه مصر الأول الليث بن سعد رحمه الله، وقال: " لله درك يا إمام حزت أربعاً من الخصال لم يكملن العالم: العلم، والعمل، والزهد، والكرم".
وقد كانت سمعة الإمام قد وصلت إلى هذا المسجد الجامع، وعلم علماؤه وعامته بأنه قد وصل مصر، مما يسمعون عنه من العلم والفضل والزهد، فعندما دخله الإمام لأول مرة لم يحس بغربة، فلقد تجمع حوله الناس ليستفيدوا من هذا المنهل العذب.
وجدر الإشارة إلى أن المسجد قبل قدوم الإمام كانت حلقاته لعلماء المالكية وكانت لهم القيادة، فعندما قدم الإمام حدث صدع في هذه القيادة
(١) مناقب الشافعي للبيهقي، ج١، ص ٢٣٨.
87