Al-Muntakhab min Kutub Shaykh al-Islam
المنتخب من كتب شيخ الإسلام
ناشر
دار الهدى للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
محل انتشار
الرياض
ژانرها
الرد على قول المرجئة: المراد بالإيمان التصديق
(إن «المرجئة» لما عدلوا عن معرفة كلام الله ورسوله؛ أخذوا يتكلمون في مسمى «الإيمان» و«الإسلام» وغيرهما بطرق ابتدعوها، مثل أن يقولوا: «الإيمان في اللغة» هو التصديق، والرسول إنما خاطب الناس بلغة العرب لم يغيرها، فيكون مراده بالإيمان التصديق! ثم قالوا: والتصديق إنما يكون بالقلب واللسان أو بالقلب؛ فالأعمال ليست من الإيمان، ثم عمدتهم أن الإيمان هو التصديق قوله: ﴿وَمَا أنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا﴾ (١)؛ أي: بمصدق لنا.
فيقال لهم: «اسم الإيمان» قد تكرر ذكره في القرآن والحديث أكثر من ذكر سائر الألفاظ، وهو أصل الدين، وبه يخرج الناس من الظلمات إلى النور، ويفرق بين السعداء والأشقياء ومن يوالي ومن يعادي، والدين كله تابعٌ لهذا، وكل مسلم محتاج إلى معرفة ذلك؛ أفيجوز أن يكون الرسول قد أهمل بيان هذا كله ووكله إلى هاتين المقدمتين؟!
ومعلوم أن الشاهد الذي استشهدوا به على أن الإيمان هو التصديق أنه من القرآن، ونقل معنى الإيمان متواتر عن النبي ﷺ أعظم من تواتر لفظ الكلمة؛ فإن الإيمان يحتاج إلى معرفة جميع الأمة فينقلونه، بخلاف كلمة من سورة، فأكثر المؤمنين لم يكونوا يحفظون هذه السورة؛ فلا يجوز أن يجعل بيان أصل الدين مبنيًا على مثل هذه المقدمات، ولهذا كَثُر النزاع والاضطراب بين الذين عدلوا عن صراط الله المستقيم وسلكوا السبل وصاروا من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا، ومن الذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات؛ فهذا كلام عام مطلق.
ثم يقال: «هاتان المقدمتان» كلاهما ممنوعة، فمن الذي قال: إن لفظ
_________
(١) يوسف: ١٧.
1 / 61