المحدث الفاصل بين الراوي والواعي
المحدث الفاصل بين الراوي والواعي
پژوهشگر
د. محمد عجاج الخطيب
ناشر
دار الفكر
شماره نسخه
الثالثة
سال انتشار
۱۴۰۴ ه.ق
محل انتشار
بيروت
ژانرها
علوم حدیث
حَفِظَ أَحَدُهُمْ فِي السُّنَنِ شَيْئًا، فَمِنْ صَحِيفَةٍ مُبْتَاعَةٍ، كَفَاهُ غَيْرُهُ مُؤْنَةَ جَمْعِهِ وَشَرْحِهِ وَتَبْوِيبِهِ، مِنْ غَيْرِ رِوَايَةٍ لَهَا وَلَا دِرَايَةٍ بِوَزْنٍ مِنْ نَقْلِهَا فَإِنْ تَعَلَّقَ بِشَيْءٍ مِنْهَا يَسِيرُ، خَلَطَ الْغَثَّ بِالسَّمِينِ، وَالسَّلِيمِ بِالْجَرِيحِ، ثُمَّ فَخَّمَ مَا لَفَّقَ مِنَ الْمَسَائِلِ مَا شَاءَ، وَإِنَّهَا وَالسُّنَنَ الْمَأْثُورَةِ ضِدَّانِ، فَإِنْ قُلِبَ عَلَيْهِ إِسْنَادُ حَدِيثٍ تَحَيَّرَ فِيهِ تَحَيُّرَ الْمَفْتُونِ، وَصَارَ كَالْحِمَارِ فِي الطَّاحُونِ، وَإِنْ شَاهِدَ الْمُذَاكَرَةَ سَمِعَ مَا لَيْسَ فِي وُسْعِهِ الْجَرَيَانِ فِيهِ، فَلَجَأَ إِلَى الْإِزْرَاءِ بِفُرْسَانِهِ، وَاعْتَصَمَ بِالطَّعْنِ عَلَى الرَّاكِضِينَ فِي مَيْدَانِهِ، وَلَوْ عَرَفَ الطَّاعِنُ عَلَى أَهْلِ الرِّحْلَةِ مِقْدَارَ لَذَّةِ الرَّاحِلِ فِي رِحْلَتِهِ، وَنَشَاطَهُ عِنْدَ فُصُولِهِ مِنْ وَطَنِهِ، وَاسْتِلْذَاذَ جَمِيعِ جَوَارِحِهِ عِنْدَ تَصَرُّفِ لَحَظَاتِهِ فِي الْمَنَاهِلِ وَالْمَنَازِلِ، وَالْبُطْنَانِ وَالظَّوَاهِرُ، وَالنَّظَرُ إِلَى دَسَاكِرِ الْأَقْطَارِ وَغِيَاضِهَا، وَحَدَائِقِهَا وَرِيَاضِهَا، وَتَصَفُّحُ الْوُجُوهِ، وَاسْتِمَاعُ النَّغَمْ، وَمُشَاهَدةُ مَا لَمْ يُرَ مِنْ عَجَائِبِ الْبُلْدَانِ، وَاخْتِلَافِ الْأَلْسِنَةِ وَالْأَلْوَانِ، وَالِاسْتِرَاحَةِ فِي أَفْيَاءِ الْحِيطَانِ، وَظِلَالِ الْغِيطَانِ، وَالْأَكْلُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَالشُّرْبُ مِنَ الْأَدْوِيَةِ، وَالنَّوْمُ حَيْثُ يُدْرِكُهُ اللَّيْلُ، وَاسْتِصْحَابُ مَنْ يُحِبُّ فِي ذَاتِ اللَّهِ بِسُقُوطِ الْحِشْمَةِ، وَتَرْكِ التَّصَنُّعِ، وَكُنْهَ مَا يَصِلُ إِلَى قَلْبِهِ مِنَ السُّرُورِ عَنْ ظَفَرِهِ بِبُغْيَتِهِ، وَوُصُولِهِ إِلَى مَقْصَدِهِ، وَهُجُومِهِ عَلَى الْمَجْلِسِ الَّذِي شَمَّرَ لَهُ، وَقَطَعَ الشُّقَّةَ إِلَيْهِ لَعِلْمِ أَنَّ لَذَّاتِ الدُّنْيَا مَجْمُوعَةٌ فِي مَحَاسِنِ تِلْكَ الْمَشَاهِدِ، وَحَلَاوَةِ تِلْكَ الْمَنَاظِرِ، وَاقْتِنَاءِ تِلْكَ الْفَوَائِدِ، الَّتِي هِيَ عِنْدَ أَهْلِهَا أَبْهَى مِنْ زَهْرِ الرَّبِيعِ، وَأَحْلَى مِنْ صَوْتِ الْمَزَامِيرِ، وَأَنْفَسُ مِنْ ذَخَائِرِ الْعِقْيَانِ، مِنْ حَيْثُ حُرِمَهَا هُوَ وَأَشْبَاهُهُ
1 / 218