المغني شرح مختصر الخرقي
المغني شرح مختصر الخرقي
ویرایشگر
عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو
ناشر
دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع
ویراست
الثالثة
سال انتشار
۱۴۱۷ ه.ق
محل انتشار
الرياض
المُسَيَّب، أنَّه كان ينامُ مِرَارًا مُضْطَجِعًا يَنْتظرُ الصلاةَ، ثم يُصَلِّى ولا يُعِيدُ الوُضُوءِ. ولعَلَّهُم ذَهَبُوا إلى أن النَّوْمَ ليس بحَدَثٍ في نَفْسِه، والحَدَثُ مَشْكُوكٌ فيه، فلا يَزُولُ عن اليَقِين بالشَّكِّ. ولنَا قولُ صَفْوانَ بنِ عَسَّالٍ: لكنْ من غائطٍ وبَوْلٍ ونَوْمٍ. وقد ذَكَرْنا أنه صحيحٌ. ورَوَى علىٌّ رَضِىَ اللَّه عنه، عن النبيِّ ﷺ قال: "الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ (٤)، فمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ". رواه أبو داود، وابنُ مَاجَه (٥). ولأنَّ النَّوْمَ مَظِنَّةُ الحَدَثِ، فأُقِيمَ مَقَامَه، كالْتِقاءِ الخِتَانَيْنِ في وُجُوبِ الغُسْلِ أُقِيمَ مَقَامَ الإِنْزَالِ.
فصل: والنَّوْمُ ينقسمُ ثلاثةَ أقسام: نَوْمُ المُضْطَجِعِ، فيَنْقُضُ الوُضُوءَ يَسِيرُه وكَثِيرُه، في قولِ كُلِّ مَنْ يقولُ بِنَقْضِهِ بالنَّوم. الثاني نومُ القاعِدِ، إن كان كَثِيرًا نَقَضَ، رِوايةً واحدةً، وإن كان يَسِيرًا لم يَنْقُضُ. وهذا قولُ حَمَّاد، والحكم، ومالِك، والثَّوْرِىِّ، وأصحابِ الرَّأْىِ. وقال الشافِعِىُّ: لا يَنْقُضُ وإن كَثُر، إذا كان القاعدُ مُتَمَكِّنًا (٦) مُفْضِيًا بمَحَلِّ الحَدَث إلى الأرْضِ؛ لِمَا رَوَى أنَس، قال: كان أصحابُ رسولِ اللَّه ﷺ: ينامُونَ، ثم يَقُومُونَ فيُصَلُّون، ولا يتَوَضَّؤُون (٧). قال التِّرْمِذِىّ: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وفى لفظٍ قال: كان أصحابُ النبيِّ ﷺ ينتظرونَ العشاءَ الآخِرَةَ حتى تَخْفِقَ رُؤوسُهم، ثم يُصَلُّونَ، ولا يتَوَضَّؤُونَ (٨). وهذا إشارةٌ إلى جَمِيعهِم، وبه يتَخَصَّصُ عُمُومُ الحَدِيثَيْنِ الأَوَّلَيْن، ولأنه مُتَحَفِّظٌ عن خُرُوجِ الحَدَثِ، فلم يَنْقُضْ وُضُوءَه، كما لو كان نَوْمُه يَسِيرًا. ولنا عُمُومُ الحَدِيثَيْن الأَوَّلَيْن، وإنَّما خَصَّصْنَاهُما في اليَسِير لحدِيثِ أنَسٍ، وليس فيه بيانُ كَثْرةٍ
(٤) الوكاء: ما تشد به رأس القربة ونحوها. والسه: من أسماء الدبر.
(٥) أخرجه أبو داود، في: باب في الوضوء من النوم، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٤٦. وابن ماجه، باب الوضوء من النوم، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ١٦١. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ١/ ١١١.
(٦) في الأصل: "متكئا".
(٧) أخرجه مسلم، في: باب الدليل على أن نوم الجالس لا ينقض الوضوء، من كتاب الحيض. صحيح مسلم ١/ ٢٨٤. والترمذي، في: باب الوضوء من النوم، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ١٠٤.
(٨) أخرجه أبو داود، في: باب في الوضوء من النوم، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٤٥.
1 / 235