المغني شرح مختصر الخرقي
المغني شرح مختصر الخرقي
ویرایشگر
عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو
ناشر
دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع
ویراست
الثالثة
سال انتشار
۱۴۱۷ ه.ق
محل انتشار
الرياض
فصل: وإذ قُلْنَا بِجَوَازِ مَسْحِ البَعْضِ، فَمِنْ أىِّ مَوْضِعٍ مَسَحَ أَجْزَأَهُ؛ لأن الجَمِيعَ رَأْسٌ، إلَّا أنه لا يُجْزِىءُ مَسْحُ الأُذُنَيْنِ عن الرَّأْسِ، لأنهما تَبَعٌ، فلا يَجْتَزِىءُ بهما عن الأَصْلِ، والظاهرُ عن أبي عبد اللَّه أنه لا يَجِبُ مَسْحُهما، وإن وَجَبَ الاسْتِيعابُ؛ لأنَّ الرَّأْسَ عند إطْلاقِ لَفْظِه إنما يَتَناوَلُ ما عَلَيْه الشَّعْرُ.
واخْتَلَفَ أصْحابُنا في قَدْرِ البَعْضِ المُجْزِىءِ، فقال القاضِى: قَدْر الناصِيَةِ؛ لحَدِيثِ المُغِيرَةِ. أنَّ النبيَّ ﷺ مَسَحَ ناصِيَتَه. وحَكَى أبُو الخَطَّاب، وبعضُ أصْحابِ الشافِعِىِّ، عن أَحْمَد: أنَّه لا يُجْزِىءُ إلَّا مَسْحُ أكْثَرِهِ؛ لأن الأَكْثَرَ يَنْطَلِقُ عليه اسْمُ الشَّىءِ الكاملِ. وقال أبُو حَنِيفةَ: يُجْزِىءُ مَسْحُ رُبْعِه. وقال الشافِعِىُّ: يُجْزِىءُ مَسْحُ (٨) ما يَقَعُ عليه الاسْمُ، وأقَلُّهُ ثلاثُ شَعَراتٍ. وحُكِىَ عنه: لو مَسَحَ ثلاثَ شَعَراتٍ، وحُكِىَ عنه: لو مَسَحَ شَعْرةً، أجْزَأهُ، لوُقُوعِ الاسْمِ عليها. ووَجْهُ ما قاله القاضِى: أنَّ فِعْلَ النبيِّ ﷺ يَصْلُحُ بَيَانًا لِمَا أمَرَ به، فَيُحْمَلُ عليه.
فصل: والمُسْتَحَبُّ في مَسْحِ الرَّأْسِ أن يَبُلَّ يَدَيْه، ثم يَضَعَ طَرَفَ إحْدَى سَبَّابَتَيْه عَلَى طَرَفِ الأُخْرَى وبَضَعَهُما على مُقَدَّمِ رَأْسِه، ويَضَعَ الإِبْهامَيْن على الصُّدْغَيْنِ، ثم يُمِرَّ يَدَيْه إلى قَفَاه، ثم يَرُدَّهما إلى المَوْضِع الذي بَدَأ منه. كما رَوَى عبدُ اللَّه بن زَيدٍ في وَصْفِ وُضوءِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، قال: فمَسَحَ رَأْسَه بيَدَيْه، فأقَبْلَ بهما وأَدْبَرَ، بَدَأ بمُقَدَّمِ رَأْسِه حتى ذَهَبَ بهما إلى قَفَاه، ثم رَدَّهُما إلى المكان الذي بَدَأَ مِنْهُ. مُتَّفَقٌ عليه (٩). وكذلك وَصَفَ المِقْدامُ بنُ مَعْدِيكَرِبَ، رَوَاه أبُو دَاوُد (١٠). فإن كان ذا شَعْرٍ يَخَافُ أن يَنْتَفِشَ بِرَدِّ يدَيْهِ لم يَرُدَّهما. نَصَّ عليه أحمد؛ فإنه قِيلَ له: مَنْ لَه شَعْرٌ إلى مَنْكِبَيْه، كيفَ يَمْسَحُ في الوُضُوءِ؟ فأقبل أحمدُ بيَدَيْه على رَأْسِه مَرَّةً، وقال: هَكَذَا، كَرَاهِيَةَ أن يَنْتَشِرَ شَعْرُه. يَعْنى أنَّه يَمْسَحُ إلى قَفَاه ولا يَرُدُّ يَدَيْه. قال أحمد: حَدِيثُ عَلِىٍّ هكذا. وإن شاء مَسَحَ، كما رُوِىَ عن الرُّبَيِّع، أنّ رَسُولَ اللهِ
(٨) سقط من: الأصل.
(٩) تقدم تخريجه في حاشية صفحة ١٧٠.
(١٠) تقدم أيضًا في صفحة ١٧١.
1 / 177