إسْنادُه صحيحٌ على شَرْطِ "الصحيحين"، ولم يُفَرِّقْ بين كثيرِه وقليلهِ (٤٥)، لأنها لا قُوَّةَ لها علَى دَفْعِ النجاسة، فإنها لا تُطَهِّرُ غيرَها، فلا تَدْفَعُها عن نفسِها كاليَسِير.
والثانية، أنها كالماءِ، لا ينْجسُ منها ما بلَغ القُلَّتَيْن إلَّا بالتغيُّر. قال حَرْب: سألتُ أحمد، قلتُ: كلب (٤٦) وَلَغَ في سَمْنٍ أو زيتٍ؟ قال: إذا كان في آنيةٍ كبيرةٍ، مِثْلِ حُبٍّ أو نحوِه، رَجَوْتُ أن لا يكونَ به بَأسٌ ويُؤْكَلُ (٤٧)، وإن كان في آنيةٍ صغيرةٍ فلا يُعْجِبُنِى. وذلك لأنه كثيرٌ، فلم ينْجُسْ بالنجاسةِ مِن غيرِ تغيُّرٍ كالماء.
والثالثة، ما أصْلُه الماءُ، كالخَلِّ التَّمْرِيِّ، يدْفَعُ النجاسةَ؛ لأنَّ الغالِبَ فيه الماءُ، ومالا فلا. والأُولَى أوْلَى (٤٨).
فصل: فأمَّا الماءُ المُسْتَعْمَلُ، وما كان طاهِرًا غيرَ مُطَهِّر من الماءِ، فإنه يدْفَعُ النجاسةَ عن نفسِه إذا كَثُرَ؛ لقَوْلِ النبيِّ ﷺ: "إذا بَلَغ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا". ويحْتَمِلُ أن ينْجُسَ، لأنه طاهِرٌ غيرُ مُطَهِّر، فأشْبَهَ الخَلَّ.
فصل: إذا كان الماءُ كثيرًا، فوقَع في جانبٍ منهه نجاسةٌ، فتغَيَّر بها، نظَرْتَ فيما لم يتغَيَّرْ، فإن نقَص عن القُلَّتَيْن فالجميعُ نَجِسٌ؛ لأنَّ المتغيِّرَ نَجُسَ (٤٩) بالتغَيُّرِ، والباقىَ تنجَّس بمُلاقاتِه، وإن زاد عن القُلَّتيْن فهو طاهِرٌ.