تعاهد الإسهال على ما ينبغي علاج عظيم في حفظ الصحة. وذلك أنه يمكن أن ينقي به البدن من الخلط الذي يتولد عن الخطأ في استعمال الأغذية وترك الحمية، ومن الخلط الذي من شأن البدن غير المعتدل توليده. فيمكن من أجل ذلك أن يكون البدن أبدا نقيا ليس فيه فضول محتبسة متهيئة لتوليد الأمراض. وينبغي أن يتعاهد كل إنسان الدواء المسهل الذي شأنه استفراغ ذلك الخلط الذي يتأذى به والذي يكثر توليده فيه لخلل في بدنه أو خطأ في تدبيره. ويجتنب ويحذر الدواء الذي من شأنه استفراغ الخلط المضاد له. فإن ضرر ذلك يعظم عليه جدا. وقد ذكرنا أي خلط يسهل كل واحد من الأدوية المسهلة في بابه. وأحوج الناس إلى الإسهال من جثته عبلة غليظة ومن هو نهم كثير الزر من الأطعمة والفواكه قليل الحركة والرياضة. وينبغي أن يحذره من طبيعته مائلة إلى اللين أو من يكثر به حدوث خلفة ويسرع إليه السحج لا سيما بالقوى منها. والإفراط في أخذ الأدوية يخلف البطن ويؤدي به إلى الدق والذبول وخاصة لمن بدنه يابس. وينبغي أن لا يؤخذ الدواء المسهل إلا بعد تليين الطبيعة بالأمراق الدسمة. وليتعاهد قبل أخذها بيومين الحمام والإكثار من صب الماء الفاتر على بدنه والجلوس فيه والشرب من السكنجين. وليتوق المسهلة القوية في الأزمان الحارة والباردة جدا. وينبغي أن ينام عليها وقد ابتدأت تسهل. ولا يؤكل شيء ما دام له طعم في الجشأ وما دام الإسهال لم يتحرك. ويضعف حتى إذا تم عملها. فإن كان معتدلا فليكن الغذاء زيرباجة خفيفة. وليصب منها باعتدال. ولا يتم الشبع يوم الإسهال بل يخفف. وإن كان مفرطا فليكن الغذاء سماقية أو رمانية أو حصرمية. وليسقى قبلها بوقت شيء صالح مثل سفوف البزور. وأما الشراب فليكن لمن يسخن بعقب الدواء المسهل سخونة شديدة ولمن استمشى الصفراء من الجلاب. وإن لم يكن اختلف خلفة قوية. فإن كان اختلف خلفة قوية، فرب التفاح والسفرجل الساذج أو رب الرمان ونحوه. ويحذر الجلاب والسكنجبين وماء العسل من كان أفرط عليه الدواء المسهل وأدخل الحمام. وأما من لم يسخن عليه وكان إنما قصد إخراج البلغم والسوداء فليكن تغييره الماء بالشراب إن كان الإسهال فيه مفرطا أو بماء العسل إن لم يكن مفرطا ولم يكن يشرب الشراب. وإن كان أفرط عليه عمل الدواء المسهل وجاوز في حاله الحد المقصود له جدا، فأدخل العليل إلى الحمام. فإن انقطع فيها. وإلا فاسقه سفوف حب الرمان. فإن كفى فبها وإلا فاسقة هذا السفوف، وهو سفوف ضد الإسهال: يؤخذ كعك شامي مئة درهم. وكندر وطين أرمني وصمغ عربي وبلوط وخرنوب وحب الزبيب وحب الرمان، مسحوقة كلها مثل الكحل من كل واحد عشرة دراهم. بزر بنج أبيض خمسة دراهم. تخلط كلها ويستف منها ثلاث سفات. فإن كفى ذلك وإلا فاعط العليل أقراص الجلنار ونحوها مما قد ذكرنا في باب الخلفة. فأن ضعف العليل وبلغ به الأمر إلى الاستسقاط والغشي فليكن علاجه على ما في باب الهيضة.
صفحه ۲۱۹