Al-Manar: An Introduction to Qur'anic Sciences and Principles of Exegesis
المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره
ناشر
موسسة الرسالة
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
محل انتشار
بيروت
ژانرها
٣ - يذكر العلماء حالة تساوي روايات النزول في الصحة، ولست أرى لهذا النوع وجودا ولا دليلا، ووجدت في حديثهم اضطرابا، إذ يلجئون في هذه الحالة إلى القول بتداخل هذه الروايات، ويجعلونها سببا واحدا إذا كان زمانها متقاربا، أو يقولون بتعدد نزول الآية مرات متعددة، إذا كان الزمان متباعدا، حتى زعموا أن بعض الآيات قد نزلت ثلاث مرات.
أما حالة تداخل الروايتين وجعلهما سببا واحدا، فيمثلون لهذه الحالة بما روي في سبب نزول آيات اللعان، فقد أخرج البخاري من طريق عكرمة عن ابن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي ﷺ بشريك بن سحماء. فقال النبي: «البينة أو حدّ في ظهرك» فقال يا رسول الله: (إذا رأى أحدنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة؟ فأنزل عليه: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (٨) وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ [النور: ٦ - ٩] (١).
وأخرج الشيخان عن سهل بن سعد قال: جاء عويمر إلى عاصم بن عدي فقال:
اسأل رسول الله ﷺ أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا يقتله، أيقتل به؟ أم كيف يصنع؟ فسأل عاصم رسول الله ﷺ فعاب السائل، فأخبر عاصم عويمرا فقال: والله لآتين رسول الله ﷺ فلأسألنّه فأتاه فقال: «إنه قد أنزل فيك وفي صاحبتك قرآنا» الحديث.
جمع بينهما بأن أول من وقع له ذلك هلال، وصادف مجيء عويمر أيضا، فنزلت في شأنهما معا (٢).
هذا الرأي فيه نظر، إذ المتأمل لنصوص الحديثين يجد القول الحق في أن سبب النزول هو ما روي بشأن هلال بن أمية لوجود قرائن في متن الحديث، فهذان
(١) صحيح البخاري ح (٤٧٤٧). (٢) صحيح البخاري ح (٥٢٥٩) صحيح مسلم ١٠/ ١٢٠ ح (١٤٩٢)، والإتقان ١/ ٩٥، ومناهل العرفان ص ١١٢.
1 / 145