93

المدخل

المدخل

ناشر

دار التراث

شماره نسخه

الأولى

محل انتشار

القاهرة

ژانرها

فقه مالکی
الْمَحْذُورَاتِ هَكَذَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى السُّنَنِ وَحِفْظِهَا فَيُنَبِّهُ النَّاسَ عَلَيْهَا وَيُعَلِّمُهُمْ بِالْعَوَائِدِ الْمُتَّخَذَةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا وَيُخْبِرُهُمْ بِالضَّرُورَاتِ الَّتِي كَانَتْ سَبَبًا لِفِعْلِهَا وَلِأَجْلِ الْغَفْلَةِ عَنْ هَذَا التَّنْبِيهِ وَقَعَ مَا وَقَعَ مِنْ الِادِّعَاءِ بِهَا بِأَنَّهَا سُنَّةُ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّاسِ تَحْسِينُ ظَنِّهِمْ بِمَشَايِخِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ، وَأَنَّهُمْ لَا يُخَالِفُونَ، وَأَنَّهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّبَاعِ وَتَرْكِ الِابْتِدَاعِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَالُوا: مَنْ لَمْ يَرَ خَطَأَ شَيْخِهِ صَوَابًا لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ فَيُحْمَلُ لِأَجْلِ هَذَا مَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ مَأْمُورٌ بِهَا فَكَانَ سَيِّدِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَرْجَانِيِّ ﵀ يَتَحَفَّظُ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ بِذِكْرِهِ لِذَلِكَ وَتَعْلِيلِهِ؛ لِئَلَّا يَعْتَقِدَ مَنْ يَعْتَقِدُهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ مَأْمُورٌ بِهَا. وَقَدْ حَكَى عَنْ شَيْخِهِ الْقُدْوَةِ الْإِمَامِ الْعَالِمِ الْعَامِلِ الْمُحَقِّقِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّمَّاطِ ﵀ حَكَى لِي ذَلِكَ عَنْهُ سَيِّدِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَمْرَةَ ﵀ قَالَ كَانَ عَارِفًا بِالْفِقْهِ مَعْرِفَةً جَيِّدَةً وَكَانَ الْفُقَرَاءُ عِنْدَهُ فِي مَجَالِسِهِ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ لَيْسَ لَهُمْ شُغْلٌ فِي الْغَالِبِ إلَّا الْبَحْثَ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَهَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا يَجُوزُ؟ فَإِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ وَلَمْ يَرْجِعْ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ فِيهِ يَأْتُونَ إلَيْهِ فَيَسْأَلُونَهُ عَنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُرِيدُونَهَا فَيَأْمُرُهُمْ بِالْخُرُوجِ إلَى الْفُقَهَاءِ يَسْأَلُونَهُمْ عَنْهَا فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُحِلْهُمْ عَلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ أَعْرَفُ النَّاسِ بِالنَّوَازِلِ الَّتِي كَانَتْ تَنْزِلُ بِهِمْ فَقَالَ: ﵀ أَخَافُ أَنْ أُفْتِيَهُمْ فَيَقَعَ لَهُمْ الْخَلَلُ بِسَبَبِ أَنِّي إنْ مِتُّ بَقِيَ الْأَمْرُ بَيْنَهُمْ مَوْقُوفًا عَلَيَّ لَا يَعْرِفُونَ أَمْرَ دِينِهِمْ إلَّا مِنْ جِهَتِي فَيَقُولُونَ: قَالَ الشَّيْخُ كَذَا وَذَهَبَ الشَّيْخُ إلَى كَذَا، وَكَانَ طَرِيقُ الشَّيْخِ كَذَا. فَيَظُنُّونَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ خُرُوجُهَا مِنْ قِبَلِ الْمَشَايِخِ فَيُرْسِلُهُمْ إلَى الْفُقَهَاءِ لِسَدِّ هَذِهِ الثُّلْمَةِ وَلِكَيْ يَعْلَمُوا أَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ إنَّمَا أَصْلُهُ وَعِمَادُهُ وَاَلَّذِي يَقَعُ بِهِ الْحَلُّ وَالرَّبْطُ عِنْدَنَا هُوَ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ فَرْعٌ عَنْ ذَلِكَ فَيَنْتَظِمُ الْحَالُ أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ. فَانْظُرْ رَحِمَك اللَّهُ إلَى مُحَافَظَةِ هَذَا السَّيِّدِ ﵀ عَلَيْهِ عَلَى مَنْصِبِ الشَّرِيعَةِ كَيْفَ تَرَكَ أَنْ يُجِيبَ الْفُقَرَاءَ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ؟ لَكِنْ لَمَّا أَنْ كَانَ

1 / 98