الكفاية في الفرائض

الكفاية في الفرائض

پژوهشگر

أحمد الحجي الكردي

ناشر

وزارة الإعلام مطبعة حكومة الكويت

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۴۲۰ ه.ق

محل انتشار

الكويت

وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية

سلسلة الرسائل التراثية

" ٨ "

الكفاية في الفرائض

للإمام العلامة الرُّحْلة جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن محمد

المَرْداوي السعدي المقدسي الحنبلي ثم الصالحي

رحمه الله تعالى

حققه وعلق عليه. وشرحه

أ.د. أحمد الحجي الكردي

خبير في الموسوعة الفقهية

1

-

2

وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية

سلسلة الرسائل التراثية

" ٨ "

الكفاية في الفرائض

للإمام العلامة الرُّحْلة جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن محمد

المَرْداوي السعدي المقدسي الحنبلي ثم الصالحي

رحمه الله تعالى

حققه وعلق عليه. وشرحه

أ.د. أحمد الحجي الكردي

خبير في الموسوعة الفقهية

3

حقوق الطبع محفوظة للوزارة

الطبعة الأولى

١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م

4

بسم الله الرحمن الرحيم

تقديم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد المرسلين، وعلى آله وأصحابه، ومن اتبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين.

فإن قطاع الإفتاء والبحوث الشرعية بعد أن يسَّر الله تعالى له إنجاز القسم الأكبر من الموسوعة الفقهية، الذي يشكل نقلة نوعية ومنعطفاً هاماً في عَرض التراث الفقهي، يقف على مشارف مرحلة جديدة، تتمثل في تأسيس المشاريع الملحقة بالموسوعة الفقهية، وعلى رأسها: (الموسوعة الأصولية)، ومن المعروف أن تأسيس أي مشروع علمي يتطلب جهداً أكبر وتركيزاً أكثر وعناية أشد عما يكون عليه الأمر في غيره من المراحل، تفادياً لحصول أي خلل، وظهور أية ثغرة أثناء التنفيذ. ولكن هذا الانشغال المضاعف لم يمنع القطاع من المضي في إسهامه في إحياء التراث الإسلامي، حيث قام بإعادة طباعة فهرس فتح القدير، وفهرس شرح الزرقاني، خلال هذه السنة.

3

وفي إطار خدمة التراث والعناية بنشره، يسرُّ القطاع أن يضيف إلى المكتبة الإسلامية كتاباً هاماً في علم المواريث، وهو كتاب: (الكفاية في الفرائض) للعلامة المحقق القاضي جلال الدين أبي المحاسن يوسف بن محمد المرداوي السعدي المقدسي الحنبلي المتوفى عام /٨٧٨ هـ.

وقد أُلف الكتاب على وفق مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل، وقام بتحقيقه الأستاذ الدكتور أحمد الحجي الكردي خبير الموسوعة الفقهية، مضيفاً إلى الكتاب موقف سائر المذاهب في أهم المسائل التي تعرض لها المؤلف. وسيمضي القطاع بعون الله تعالى في إطار (استراتيجيته) بالعناية بالتراث الإسلامي في تيسير الاطلاع عليه تزامناً مع تنفيذ مشاريعه العلمية الأخرى. والله ولي التوفيق.

وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية

قطاع الإفتاء والبحوث الشرعية

إدارة البحوث والموسوعات الإسلامية

4

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المحقق :

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان وعنا معهم يا رب العالمين، وبعد:

فإن علم الفقه من أهم العلوم وأفضلها، لأن العلم به أساس صحة العمل والعبادة التي خلقنا الله تعالى من أجلها في قوله سبحانه: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ٥٦/الذاريات، ومن هنا كان اهتمام النبي ﷺ به وحضه عليه حيث قال: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) متفق عليه، وقد خص النبي ﷺ علم الفرائض والمواريث من فروع الفقه بمزيد عناية، فقال: (تعلموا الفرائض وعلموها الناس، تعلموا القرآن وعلموه الناس، فإني امرؤ مقبوض، والعلم سيقبض وتظهر الفتن، حتى يختلف اثنان في فريضة لا يجدان أحدا يفصل بينهما) رواه الدارمي، وصححه الحاكم

5

وغيره وحسنه المتأخرون، وقال ﷺ: (تعلموا الفرائض وعلموها فإنه نصف العلم، وهو ينسى، وهو أول شيء ينزع من أمتي) / رواه ابن ماجه بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.

وقد عني الفقهاء بهذا العلم في ضمن عنايتهم بعلوم الفقه الأخرى، وأدخلوه في مصنفاتهم وموسوعاتهم، وبالنظر لتميز هذا العلم عن علوم الفقه الأخرى لكثرة صلته بالحساب، فقد أفرد عدد منهم هذا العلم بمصنفات خاصة به، مثل متن السراجية لسراج الدين محمد بن محمد بن عبد الرشيد السجاوندي الحنفي، ومتن الرحبية لمحمد بن علي بن محمد ابن الحسن الرحبي.

وقد عني عدد من الفقهاء بشرح هذين المتنين وغيرهما من المتون عناية فائقة، وكتبوا فيها شروحا موسعة أحيانا وموجزة أحيانا أخرى على حسب الحاجة، إلا أن أغلب هذه المتون هي متون مذهبية، فالسراجية على مذهب الحنفية، والرحبية على مذهب الشافعية، ولم يعن الفقهاء السابقون بالمقارنة بين المذاهب في هذا الفن، إلا في بعض

6

الفروع القليلة، مما يلجئ الباحث إلى الرجوع إلى أكثر من كتاب للتعرف على مختلف المذاهب في موضوع معين، وهو ليس بالأمر السهل، على خلاف الكتابات المعاصرة التي نحت منحى المقارنة وذكر المذاهب كلها أو أكثرها في كل جزئية تتعرض لها.

ومن الكتب المتخصصة في الفرائض المتن الذي نحن بصدد تحقيقه وإخراجه إلى النور، بعد أن مضى عليه زمان في خزائن المخطوطات، وهو كتاب (الكفاية في الفرائض) للعلامة المحقق القاضي جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن محمد المرداوي السعدي المقدسي الحنبلي ثم الصالحي، وقد ألفه رحمه الله تعالى على وفق مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، وقد رأيت من المفيد تحقيقه ونشره لما فيه من الفوائد وتسهيل هذا العلم وتيسيره، إلا أنني رأيت - زيادة في الفائدة - إضافة بعض الشروح عليه، مبينا فيها مذاهب الفقهاء الثلاثة: الحنفية والمالكية والشافعية، في أهم النقاط والأحكام التي تعرض لها هذا المتن الجامع لعامة أحكام الفرائض، مع عزو كل ما أضفته إلى الكتب المعتمدة في المذهب الذي ذكرته.

7

والله تعالى أسأل أن ينفع بهذا المتن وبالتعليقات والشروح التي أضفتها عليه عباده المتقين، وأن يعفو عن زلاتي وما يمكن أن أكون قد أخطأت فيه، ويتقبل مني هذا العمل وأمثاله مما قمت وأقوم به في خدمة العلم عامة والفقه خاصة وعلم الفرائض بشكل أكثر خصوصية، ويثيبني عليه أجرا في الجنة، إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير.

والحمد لله رب العالمين.

١٨/من صفر الخير /١٤١٩هـ - المتفق مع ١٩٩٨/٦/١٣م

المحقق

أ.د. أحمد الحجي الكردي

8

وصف النسخة المخطوطة :

لم أحصل من هذا المخطوط سوى على نسخة واحدة موجودة في خزانة مكتبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت تحت رقم /911/، وهي نسخة جيدة، إلا أن فيها بعض الرطوبة.

وهي من إحدى عشرة ورقة، كل ورقة من صفحتين سوى الورقة الأخيرة التي هي من صفحة واحدة، وهي بخط نسخي مقروء، مبدوأة بقول المؤلف: (الحمد لله الذي أرشد إلى معرفة فرائض الأحكام ...)، ومختتمة بقوله: (فإن محل إرثه عند عدم السبب أو النسب .... كما تقدم في أول هذا الكتاب، والحمد لله على التمام، ونسأله أن يديم علينا نعمه على الدوام، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه الأصفيا، عدد ما خلق في الأرض والسما).

ولم يذكر اسم الناسخ، إلا أنه ذكر في آخرها أنها كتبت وقوبلت على نسخة المصنف. وعلى طرة النسخة أنها

9

برسم عبد العزيز بن عبد اللطيف بن محمد الشهير بابن البغدادي البعلي الحنبلي .

وفي الصفحة الواحدة منها /١٩/ سطرا، وفي السطر الواحد عشر كلمات وسطيا .

وقد طرزت صفحة العنوان ببعض المأثورات والأحاديث الشريفة على جوانبها، مع تواقيع وأختام غامضة غير مقروءة، وكذلك الصفحة الأخيرة؛ فإن في بعض هوامشها كلمات بعضها غير مفهوم وربما كان غير عربي، وبعضها عربي مفهوم، منه قوله : كتبت وقوبلت على النسخة المنقولة منها وهي نسخة المصنف رحمه الله .

10

صورة الصفحة الأولى من المخطوط

11

-

12

صورة الصفحة الأخيرة من المخطوط

13

-

14

القيمة العلمية للنسخة المخطوطة :

إذا عرفنا أن الكتب التراثية المتخصصة في علم الفرائض في مذاهب الفقهاء عامة قليلة جدا، بالنسبة للكتب العامة في جميع مباحث الفقه، أدركنا قيمة هذا الكتاب العلمية، لأنه مؤلف في القرن الثامن الهجري، وهو كتاب شامل لكافة مباحث هذا العلم وفق مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، مما يمكن أن يفيد منه كثيرا الباحث في فرائض الحنبلية، إلا أنه متن مجمل لا يستغني به عن الشروح إلا متخصص في هذا العلم، مما اقتضاني إدخال بعض الشروح الضرورية عليه، زيادة في فائدته لعامة الناس، ثم إن المؤلف رحمه الله تعالى ذكر في كل مسألة فرضية عرض لها كافة أقوال الإمام أحمد فيها، وفي بعض الأحيان يذكر الأقوال في المسألة ثم يبين ما عليه المذهب بالنص، وأحيانا يبين ذلك عن طريق تقديم ما عليه المذهب على غيره، وفي بعض الأحيان يهمل بيان ما عليه المذهب من الأقوال بالكلية ويكتفي بإيراد كل الأقوال والروايات الواردة عن الإمام أحمد، مما يحتاج معه في معرفة ما عليه المذهب منها إلى الرجوع إلى مصادر الفقه الحنبلي

15

المعتمدة، مثل كشاف القناع، والمغني مثلا، وهو ما انتهجته في هذا المجال عند الحاجة.

عملي في هذا المخطوط:

عملي في هذا المخطوط يتلخص في الآتي:

١- نقل النص وحل الكلمات التي يكتنفها الغموض، من حيث ضعف الخط، أو من الرطوبة التي أصابت المخطوط، وذلك بالرجوع إلى مصادر الفقه الحنبلي العامة، وعلى رأسها كتاب المغني لابن قدامة، وكشاف القناع للبهوتي، والفروع لابن مفلح.

٢- وضع بعض الشروح على الكلمات التي رأيت أنها بحاجة إلى تعليق أو تصحيح أو توضيح.

٣- بيان ما عليه المذهب من بين الروايات والأقوال المتعددة التي ذكرها المؤلف للإمام أحمد رحمه الله تعالى، وذلك عند إغفال بيانها من قبل المؤلف.

٤- بيان ما عليه المذاهب الثلاثة الأخرى في المسائل التي خالفهم فيها الإمام أحمد، مع عزو ذلك البيان إلى كتب المذاهب التي ذكرتها.

16

٥- وضع عناوين لبعض فقرات الكتاب، حيث أهمل المؤلف وضع بعض عناوين لمسائل في الكتاب، فوضعت لكل منها عنوانا يشير إليها ويدل الباحث عليها بيسر وسهولة ودون عناء.

٦- همز الكلمات التي سهل المؤلف همزتها، مثل قوله: (أرضه وسمايه) فقد كتبتها (أرضه وسمائه) بالهمزة، لأنها اللغة الدارجة الآن، ولم أشر إلى ذلك في الهامش لكثرته واكتفاء مني بهذه الإشارة في المقدمة.

٧- عندما كنت أجد عبارة فيها غموض أشير في الهامش إلى العبارة البديلة الأوضح منها بقولي: (كذا في الأصل، ولعل الأصح ...)، فإذا كان الخطأ متحققا في العبارة في نظري أشرت في الهامش إلى ذلك قائلا: (كذا في الأصل، والصحيح ...).

التعريف بالمؤلف:

ورد على صفحة الغلاف للمخطوط أن المؤلف هو جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن محمد المرداوي السعدي المقدسي الحنبلي ثم الصالحي، دون بيان اسم جده، ولا سنة ولادته ولا وفاته، وقد رجعت إلى العديد من كتب التراجم

17

العامة، والمتخصصة بعلماء الحنبلية، للبحث عنه، ومعرفة ترجمته وحياته، فالتقيت بتراجم متعددة لعلماء من علماء الحنبلية، أسماؤهم متشابهة، مما جعلني أتريث في التعرف على مؤلف الكتاب الذي نحن بصدده، سيما لم يذكر أحد ممن ترجم لهؤلاء أن واحدا منهم ألف كتاب (الكفاية في الفرائض)، إلا ابن حميد النجدي في كتابه السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة، حيث قال: يوسف بن محمد بن عمر الجمال أبو المحاسن المرداوي ثم الدمشقي الصالحي، والد ناصر الدين محمد، قال في الضوء: ويعرف بالمَرداوي، أحد الرؤوس بدمشق من الحنابلة، ممن أخذ عن التقي ابن قندس، ورأيت له مصنفا في الفرائض سماه : (الكفاية) وعمل آخر في الحساب، وجرد (الفروع) لابن مفلح، وأقرأ الطلبة، وناب في القضاء عن ابن عبادة، وحج سنة (٧٥)، وجاور التي تليها، ورأيته أجاز بعض من عرض عليه من الحنابلة سنة (٨٧٨)، ومات قريبا منها . انتهى . قال في (الشذرات) : حفظ (الفروع) و(جمع الجوامع) وغيرهما١.

وإنني -تجلية للحقيقة ووصولا إلى مؤلف كتاب الكفاية الذي نحن بصدد تحقيقه-، سوف أذكر التراجم

١ السحب الوابلة ١١٨٠/٣ .

18