الخراج
الخراج
پژوهشگر
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
ناشر
المكتبة الأزهرية للتراث
شماره نسخه
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
سال انتشار
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
وَوَاللَّه إِنْ كَانَ عُمَرُ لَيَكُونُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَنْتَهِي إِلَيْهِ سُرُورُ الرَّجُلِ مَعَ أَهْلِهِ١ فَيَذْكُرُ الشَّيْءَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ؛ فَيَضْطَرِبُ كَمَا يَضْطَرِبُ الْعُصْفُورُ قَدْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ، ثُمَّ يَرْتَفِعُ بُكَاؤُهُ حَتَّى أَطْرَحَ اللِّحَافَ عَنِّي وَعَنْهُ رَحْمَةً لَهُ، ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ لَوْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ هَذِهِ الإِمَارَةِ بُعْدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقَيْنِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَشْيَاخِنَا الْكُوفِيِّينَ. قَالَ قَالَ لِي شَيْخٌ بِالْمَدِينَةِ: رَأَيْت عمر بن عبد الْعَزِيز بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ من أَحْسَنُ النَّاسِ لِبَاسًا، وَأَطْيَبُهُمْ رِيحًا، وَمِنْ أَخْيَلِهِمْ فِي مِشْيَتِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدَ أَنْ وَلِيَ الْخِلافَةِ يَمْشِي مِشْيَةَ الرُّهْبَانِ. قَالَ: فَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ الْمِشْيَةَ سَجِيَّةً٢ فَلا تُصَدِّقْهُ بَعْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَشْيَاخِنَا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، قَالَ: غَضِبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَوْمًا فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ -وَكَانَ فِيهِ حِدَّةٌ- وَعَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُهُ حَاضِرٌ؛ فَلَمَّا سَكَنَ غَضَبُهُ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي قَدْرِ نِعْمَةِ اللَّهِ عِنْدَكَ وَمَوْضِعِكَ الَّذِي وَضَعَكَ اللَّهُ بِهِ وَمَا وَلاكَ مِنْ أَمْرِ عِبَادِهِ أَنْ يَبْلُغَ بِكَ الْغَضَبُ مَا أَرَى؟ قَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟ فَأَعَادَ عَلَيْهِ كَلامَهُ؛ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَمَا تَغْضَبُ أَنْتَ يَا عَبْدَ الْمَلِكِ؟ قَالَ: مَا يُغْنِي عَنِّي جَوْفِي إِنْ لَمْ أَرُدَّ الْغَضَبَ فِيهِ حَتَّى لَا يَظْهَرْ مِنْهُ شَيْءٌ.
_________
١ حينما يخْتَلى الرجل مَعَ أَهله وَالْحَال أَنه قد ينسى كل شَيْء كَانَ ابْن عبد الْعَزِيز يخْشَى الله فِي مثل تِلْكَ الْحَال.
٢ أَي طيعة لَا تَتَغَيَّر.
1 / 27