الخراج
الخراج
پژوهشگر
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
ناشر
المكتبة الأزهرية للتراث
شماره نسخه
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
سال انتشار
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
حَنَانًا١.
قَالَ: فَلَمَّا سَمِعُوا مَقَالَةَ عُرْوَةَ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو وَمُكْرِزَ بْنَ حَفْصٍ؛ فَقَالُوا: انْطَلِقَا إِلَى مُحَمَّدٍ فَإِنْ أَعْطَاكُمَا مَا ذَكَرَهُ لِعُرْوَةَ فَقَاضِيَاهُ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَنَّا عَامَهُ هَذَا وَلا يَخْلُصَ إِلَى الْبَيْتِ حَتَّى يَسْمَعَ مَنْ سَمِعَ مِنَ الْعَرَبِ بِسَيْرِهِ أَنَا قَدْ صَدَدْنَاهُ؛ فَأَتَيَاهُ فَذَكَرَا لَهُ ذَلِكَ، فَأَعْطَاهُمَا وَقَالَ: "اكْتُبُوا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، فَقَالا: لَا وَاللَّهِ لَا نَكْتُبُ هَذَا أَبَدًا؛ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: فَكَيْفَ نَكْتُبُ؟ فَقَالا: اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَهَذِهِ حَسَنَةً اكْتُبُوهَا؛ فَكَتَبُوهَا، ثُمَّ قَالَ: اكْتُبُوا: هَذَا مَا تَقَاضَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَخْتَلِفُ إِلا فِي هَذَا، وَقَالَ: فَكيف؟ قَالَ: اكْتُبِ اسْمَكَ وَاسْمَ أَبِيكَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ ﷺ: وَهَذِهِ حَسَنَةً اكْتُبُوهَا؛ فَكَتَبُوهَا فَكَانَ فِي شَرْطِهِمْ أَنَّ بَيْنَنَا الْعَيْبَةَ الْمَكْفُوفَةَ٢، وَأَنَّهُ لَا أَغْلالَ وَلا أَسْلالَ٣، وَأَنَّهُ مَنْ أَتَاكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا، وَمن أَتَانَا مِنْكُم لم ننرده عَلَيْكُمْ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ دَخَلَ مَعِي فَلَهُ مِثْلُ شَرْطِي، وَقَالَتْ قُرَيْشٌ: مَنْ دَخَلَ مَعَنَا فَلَهُ مِثْلُ شَرْطِنَا، فَقَالَتْ بَنُو كَعْبٍ: وَنَحْنُ مَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَالَتْ بَنُو بَكْرٍ: نَحْنُ مَعَ قُرَيْشٍ.
فَبَيْنَمَا هُمْ فِي الْكِتَابِ إِذا جَاءَ أَبُو جَنْدَلِ بْنِ سُهَيْلٍ بْنِ عَمْرٍو -أَحَدُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ- وَهُوَ مُوَثَّقٌ بِالْحَدِيدِ مُسْلِمًا قَدِ انْفَلَتَ مِنْهُمْ إِلَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؛ فَلَمَّا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ قَالُوا: اللَّهُمَّ أَبُو جَنْدَلٍ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "هُوَ لِي"، وَقَالَ أَبُوهُ سُهَيْلٌ -وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُقَاوِلُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: قَدْ لَجَّتِ الْقَضِيَّةُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيكَ هَذَا فَهُوَ لِي؛ فَانْظُرُوا فِي الْكِتَابِ فَنَظَرُوا فَوَجَدُوهُ لِسُهَيْلٍ، فَرَدُّوهُ إِلَيْهِ، فَنَادَى أَبُو جَنْدَلٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أَتَرُدُّونَنِي إِلَى الْمُشْرِكِينَ يَفْتِنُونِي فِي ديني؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "يَا أَبَا جَنْدَلٍ قَدْ لَجَّتِ الْقَضِيَّةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ وَلا يَصْلُحُ لَنَا الْغَدْرُ، وَاللَّهُ جَاعِلٌ لَكَ وَلِمَنْ مَعَكَ مِنَ المستضعين فَرَجًا وَمَخْرَجًا"؛ فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا جَنْدَلٍ، هَذَا السَّيْفُ وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ وَأَنْتَ رَجُلٌ؛ فَقَالَ سُهَيْلٌ: أَعَنْتَ عَلَيَّ يَا عُمَرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِسُهَيْلٍ: "هَبْهُ لِي"، قَالَ: لَا. قَالَ: "فَأَجِرْهُ لِي"، قَالَ: لَا، قَالَ مُكْرِزٌ: قَدْ أَجَرْتُهُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ وَلَنْ يَهِيجَ.
قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ انْحَرُوا وَاحْلِقُوا وَأَحِلُّوا"، قَالَ: فمَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ أعَادَهَا، فَمَا قَامَ أَحَدٌ، قَالَ: وَدَخَلَهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيم، قَالَ: فَدخل
١ أَي عبَادَة وتدينا وَرَحْمَة وتبركا.
٢ أَي صدر تَقِيّ عَن الغل والأحقاد.
٣ الإغلال: الْخِيَانَة، والإسلال السّرقَة الْخفية.
1 / 229