162

الخراج

الخراج

پژوهشگر

طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد

ناشر

المكتبة الأزهرية للتراث

شماره نسخه

طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة

سال انتشار

أصح الطبعات وأكثرها شمولا

وَأَدَمِهِمْ، وَالسَّلامُ" فَمُرْ بِالتَّقْدِيرِ لَهُمْ مَا يَقُوتُهُمْ فِي طَعَامِهِمْ وَأَدَمِهِمْ، وَصَيِّرْ ذَلِكَ دَرَاهِمَ، تَجْرِي عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ يُدْفَعُ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ؛ فَإِنَّكَ إِنْ أَجْرَيْتَ عَلَيْهِمُ الْخُبْزَ ذَهَبَ بِهِ وُلاةُ السِّجْنِ والقوام والجلاوزة١.
وَولى ذَلِكَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلاحِ يُثْبِتُ أَسْمَاءَ مَنْ فِي السِّجْنِ مِمَّنْ تَجْرِي عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ، وَتَكُونُ الأَسْمَاءُ عِنْدَهُ وَيَدْفَعُ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ شَهْرًا بِشَهْرٍ، يَقْعُدُ وَيَدْعُو بِاسْمِ رَجُلٍ رَجُلٍ وَيَدْفَعُ ذَلِكَ إِلَيْهِ فِي يَدِهِ؛ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ قَدْ أُطْلِقَ وَخَلَّى سَبِيلَهُ رَدَّ مَا يَجْرِي عَلَيْهِ، وَيَكُونُ لِلإِجْرَاءِ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ فِي الشَّهْرِ لِكُلِّ وَاحِدٍ.
وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ فِي السِّجْنِ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ، وَكِسْوَتُهُمْ فِي الشِّتَاءِ قَمِيص وَكسَاء، فِي الصَّيْفِ قَمِيصٌ وَإِزَارٌ، وَيُجْرَى عَلَى النِّسَاءِ مِثْلُ ذَلِكَ وَكِسْوَتُهُنَّ فِي الشِّتَاءِ قَمِيصٌ وَمِقْنَعَةٌ وَكِسَاءٌ، وَفِي الصَّيْفِ قَمِيصٌ وَإِزَارٌ وَمِقْنَعَةٌ، وَاغْنِهِمْ عَنِ الْخُرُوجِ فِي السَّلاسِلِ يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِمُ النَّاسُ؛ فَإِنَّ هَذَا عَظِيمٌ أَن يكون قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَذْنَبُوا وَأَخْطَأُوا، وَقَضَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ فِيهِ فَحُبِسُوا يَخْرُجُونَ فِي السَّلاسِلِ يَتَصَدَّقُونَ٢، وَمَا أَظُنَّ أَهْلَ الشِّرْكِ يَفْعَلُونَ هَذَا بِأَسَارَى الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ فِي أَيْدِيهِمْ؛ فَكَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ هَذَا بِأَهْلِ الإِسْلامِ؟ وَإِنَّمَا صَارُوا إِلَى الْخُرُوجِ فِي السَّلاسِلِ يَتَصَدَّقُونَ لِمَا هُمْ فِيهِ مِنْ جَهْدِ الْجُوعِ؛ فَرُبَّمَا أَصَابُوا مَا يَأْكُلُونَ وَرُبَّمَا لَمْ يُصِيبُوا، إِنَّ ابْنَ آدَمَ لَمْ يَعْرُ مِنَ الذُّنُوبِ، فَتَفَقَّدَ أَمْرَهُمْ وَمُرْ بِالإِجْرَاءِ عَلَيْهِمْ مِثْلَ مَا فَسَّرْتُ لَكَ.
وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ وَلا قَرَابَةٌ غُسِّلَ وَكُفِّنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَصُلِّيَّ عَلَيْهِ وَدُفِنَ؛ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي وَأَخْبَرَنِي بِهِ الثِّقَاتُ أَنَّهُ رُبَّمَا مَاتَ مِنْهُمُ الْمَيْتُ الْغَرِيبُ؛ فَيَمْكُثُ فِي السِّجْنِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ حَتَّى يُسْتَأْمَرَ الْوَالِي فِي دَفْنِهِ، وَحَتَّى يَجْمَعَ أَهْلُ السِّجْنِ مِنْ عِنْدِهِمْ مَا يتصدقون ويكثرون مَنْ يَحْمِلُهُ إِلَى الْمَقَابِرِ فَيُدْفَنُ بِلا غُسْلٍ وَلا كَفَنٍ وَلا صَلاةٍ عَلَيْهِ؛ فَمَا أَعْظَمَ هَذِا فِي الإِسْلامِ وَأَهْلِهِ.
وَلَوْ أَمَرْتَ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ لَقَلَّ أَهْلُ الْحَبْسِ وَلَخَافَ الْفُسَّاقُ وَأَهْلُ الدِّعَارَةِ وَلَتَنَاهَوْا عَمَّا هم عَلَيْهِ.
النّظر فِي أَمر المساجين:
وَإِنَّمَا يَكْثُرُ أَهْلُ الْحَبْسِ لِقِلَّةِ النَّظَرِ فِي أَمْرِهِمْ؛ إِنَّمَا هُوَ حَبْسٌ وَلَيْسَ فِيهِ نَظَرٌ. فَمُرْ ولاتك جَمِيعًا بِالنّظرِ فِي أَمر أهل الحبوس فِي كل أَيَّام؛ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ أَدَبٌ أُدِّبَ وَأطلق، وَمن لم

١ أَي رجال الشرطة.
٢ أَي يطْلبُونَ الصَّدَقَة.

1 / 164